"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل بسبي من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا"، فما صحة هذا الحديث؟ وما تفسيره؟
ما مدى صحة حديث بيع سبي غزوة بني قريظة؟
السؤال: 365468
ملخص الجواب
خبر بيع سبي غزوة بني قريظة يتداوله علماء السير والمغازي، ومصدره عالم السير والمغازي الكبير محمد بن إسحاق، وهذا الخبر سنده ضعيف، لكن مع ضعفه ، فإنه في أبواب السير يستأنس بمثل هذا الأخبار، مع كونها ليست بحجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
هذا الخبر يتداوله علماء السير والمغازي، ومصدره عالم السير والمغازي الكبير محمد بن إسحاق.
فذكره ابن هشام في سيرته (3 /255 -256) منسوبا إلى ابن إسحاق من قوله.
وكذا رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (18/419) بإسناده إلى ابن إسحاق، حيث قال:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حد ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حدثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ قُرَيْظَةَ قَالَ: " ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ بِسَبَايَا بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَجْدٍ، فَابْتَاعَ لَهُمْ بِهِمْ خَيْلًا وَسِلَاحًا".
فهذا الخبر لا يصح سنده؛ لأن من شروط الصحيح أن يتصل السند إلى من شهد الحادثة.
قال ابن الملقن رحمه الله تعالى:
" فالصحيح المجمع عليه:
ما اتصل إسناده بالعدول الضابطين، من غير شذوذ ولا علة " انتهى من"المقنع" (1/42).
وإسناد هذا الخبر منقطع غير متصل؛ لأن ابن إسحاق لم يدرك زمن الحادثة ، فمولده حوالي سنة 80 هـ. وهو في روايته معدود من أتباع التابعين، فلا شك أنه نقله عن غيره، ونحن نجهل من أخبره، فهذا الخبر منقطع الإسناد معضل، والمعضل أحد أنواع الحديث الضعيف.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:
" واتصال الإسناد فيه أن يكون كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه، حتى ينتهي ذلك إلى آخره…
وأما المرسل، فهو: ما انقطع إسناده، بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممن فوقه، إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال ، من حيث الاستعمال ، ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيسمونه "المعضل"، وهو أخفض مرتبة من المرسل" انتهى من "الكفاية"(1/96).
فالحاصل؛ أن هذا الخبر سنده ضعيف.
ثانيا:
لكن مع ضعفه ، فإنه في أبواب السير يستأنس بمثل هذا الأخبار، مع كونها ليست بحجة.
ومن رأى أن هذه الحادثة ثابتة كالإمام الشافعي رحمه الله تعالى – فلعلها ثبتت عنده بإسناد صحيح لم يصلنا-؛ فإنه يرى هذا الخبر دليلا على جواز بيع الأسرى الكفار، إلى كفار آخرين إذا استدعت المصلحة، لكن من غير تفريق بين الابن ووالديه، ولا يباع الولد الصغير منفردا.
قال الشافعي رحمه الله تعالى:
" وإذا سبي النساء والرجال والولدان ثم أخرجوا إلى دار الإسلام… فلا بأس ببيع السبي البوالغ من أهل الحرب والصلح، ومن كان من الولدان مع أحد أبويه، فلا بأس أن يباع من أهل الحرب والصلح، ولا يصلى عليه إن مات.
قد باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي بني قريظة من أهل الحرب والصلح، فبعث بهم أثلاثا: ثلثا إلى نجد، وثلثا إلى تهامة، وهؤلاء مشركون أهل أوثان، وثلثا إلى الشام، وأولئك مشركون فيهم الوثني وغير الوثني.
وفيهم الولدان مع أمهاتهم، ولم أعلم منهم أحدا كان خليا من أمه، فإذا كان مولود خليا من أمه، لم أر أن يباع إلا من مسلم.
وسواء كان السبي من أهل الكتاب، أو من غير أهل الكتاب لأن بني قريظة كانوا أهل كتاب " انتهى من "الأم" (5 /703-704).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب