اشتريت قطعة أرض بنية القنية، حيث كنت أنوي بناء شقق عليها لتأجيرها، وبعد البناء تغيرت نيتي، وقمت ببيع جميع الشقق، قمت بتكرار الأمر أكثر من مرة، علما إنني في كل مرة تكون نيتي البناء بغرض القنية، ثم تتغير نيتي وأبيع الشقق، هل يتوجب علي زكاة عروض التجارة على العقار، علما بأن النية تكون عند شراء الأرض هي القنية؟
اشترى الأرض بنية بناء شقق عليها لتأجيرها، ثم تغيرت نيته وباع الشقق فهل عليه زكاة التجارة؟
السؤال: 367941
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يشترط لزكاة التجارة شرطان:
الأول: أن يمتلك العروض بفعله، كالشراء، وقبول الهبة، لا الإرث.
الثاني: أن ينوي عند تملكها أنها للتجارة. فلو امتلكها بنية القنية، ثم نوى التجارة، لم تصر للتجارة ولم تلزمه زكاة التجارة.
هذا ما عليه جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة.
وذهب أحمد رحمه الله في رواية إلى أنه إن ملكها بنية القنية، ثم نوى التجارة صارت للتجارة ووجبت الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولا يصير العَرْض للتجارة إلا بشرطين؛ أحدهما: أن يملكه بفعله، كالبيع، والنكاح، والخلع، وقبول الهبة، والوصية، والغنيمة، واكتساب المباحات…
والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة، فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة، وإن نواه بعد ذلك.
وإن ملكه بإرث، وقصد أنه للتجارة، لم يصر للتجارة، لأن الأصل القنية، والتجارة عارض، فلم يصر إليها بمجرد النية، كما لو نوى الحاضر السفر، لم يثبت له حكم السفر بدون الفعل.
وعن أحمد رواية أخرى: أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية؛ ( لقول سمرة : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع )؛ فعلى هذا : لا يعتبر أن يملكه بفعله, ولا أن يكون في مقابلة عوض؛ بل متى نوى به التجارة، صار للتجارة ” انتهى من “المغني” (2/336).
والقول الأول هو المذهب عند الحنابلة، ومذهب الحنفية والمالكية والشافعية .
وينظر : “بدائع الصنائع” (2/12)، “شرح الخرشي على خليل” (2/195)، “المجموع” (6/5)، “الموسوعة الفقهية” (23/271).
وأما القول الثاني الذي هو رواية عن أحمد، فقد رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، لكن فرق بين من يبيع الأرض ليتكسب ويربح ويتجر، وبين أن يبيعها لأنه لم يعد بحاجة إليها، وقد رغب عنها، فالأول عليه الزكاة بخلاف الثاني.
وفي حال وجوب الزكاة، فإن الزكاة تجب عليه بمرور حول من حين نوى التجارة فيها، لا بمجرد النية، ولا من حين البيع بالفعل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والقول الثاني في المسألة : أنها تكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال آخر: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب ، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به؛ فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته .
فإن كان عنده سيارة يستعملها، بدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع، فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها.
فهناك فرق بين شخصين: شخص يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها” انتهى من “الشرح الممتع” (2/626).
والحاصل:
أنه لا زكاة عليك في قول الجمهور.
وكذا لا زكاة عليك على القول الثاني إذا كان بيعك للأرض ليس للتكسب، بل رغبة عنها.
وتجب الزكاة في النقود إذا حال عليها الحول، كما لا يخفى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب