في عام 2014، أرسلت عرض زواج لفتى، وافق على أن يكون النكاح سرّا، لن يمسني، أو يعيش معي، ولن ينفق عليّ، لقد قمنا بعمل عقد النكاح في مكتب المحامي، وقدمنا مبلغًا ضخمًا للمحامي لشراء شاهدين مجهولين وخطيب، لم يعترف الولي بالنكاح، ولم يوافق عليه؛ لأنه لم يبلغوه أصلا، وتمّ ملء وثائق الزواج وفقًا لقانون الولاية، كنا فوق الثامنة عشر، أبكار لكننا نعتمد على والدينا، لم أكن أعلم الحكم بأنّ النكاح دون وليّ باطل، في المذهب الحنفي وفي باكستان النكاح صحيح، لكن بالنسبة للفقه، أنا أنتمي لأهل الحديث لذا هو غير صحيح، ذات يوم طلقني في مكالمة، عرفنا أنّه دون الدخول أو الخلوة بمفردنا إذا تمّ الطلاق يمكن للمرء أن يتزوج مجدّدا بعقد زواج جديد، دفعنا للمحامي مرة أخرى، وقمنا بالنكاح بالقول في دقيقتين مع شاهد مجهول وخطيب، والمهر غير مدفوع، في وقت لاحق مررنا بلحظات حميمية، حاولنا الجماع لكن فشلنا، وغشاء البكارة سليم، طلّق الطلاق الثالث بالقول في اليوم الأخير من الحيض. في عام 2021، أصبح الفتى ناضجًا، وطلب يدي من والدي، فوافق لأنه يحبّ الفتى، لا يعرف آباؤنا شيئا عن النكاح السابق أو الطلاق، الولد يقول: إنّ الطلاق والنكاح كان باطلا، وأعطى الإمام في ولايتي فتوى قولية مفادها أنه يمكننا الزواج مرة أخرى بموافقة الولي؛ لأنّ النكاح كانت باطلا بغض النظر عن قانون الدولة، والشريعة الإسلامية لها الأولوية، لذلك لا يوجد طلاق فعليّ، فهل يمكننا الزواج مرة أخرى؟
تزوجا بلا ولي وحصل الطلاق مرتين، فهل يصح أن يتزوجها الآن وهل يحسب الطلاق في النكاح الفاسد؟
السؤال: 372507
Table Of Contents
أولا:
حكم النكاح بلا ولي
النكاح بلا ولي لا يصح عند الجمهور، ويصح عند الحنفية، وما دام أنه تمّ ملء وثائق الزواج وفقًا لقانون الولاية، فإن هذا النكاح لا ينقض.
قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم, أو كان المتولي لعقده حاكما، لم يجز نقضه وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة " انتى من "المغني"(7/6).
ثانيا:
الطلاق في النكاح الفاسد
النكاح بلا ولي مع شاهدين، نكاح فاسد مختلف فيه، وليس ناكحا باطلا متفقا على بطلانه.
والطلاق يقع في النكاح الفاسد.
قال ابن رجب رحمه الله : " ويترتب عليه أكثر أحكام الصحيح، من وقوع الطلاق، ولزوم عدة الوفاة بعد الموت، والاعتداد منه بعد المفارقة في الحياة، ووجوب المهر فيه بالعقد، وتقرره بالخلوة، فلذلك لزم المهر المسمى فيه، كالصحيح " انتهى من "القواعد" ص (68).
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (5/237) : " ( ويقع الطلاق في النكاح المختلف في صحته كالنكاح بولاية فاسق، أو ) النكاح ( بشهادة فاسقين، أو بنكاح الأخت في عدة أختها) البائن ( أو نكاح الشغار، أو ) نكاح ( المحلل، أو بلا شهود، أو بلا ولي، وما أشبه ذلك )، كنكاح الزانية في عدتها، أو قبل توبتها، ونكاح المُحْرِم ولو لم ير المطلِّق صحته، نص على وقوعه أحمد " انتهى .
وينظر : "المدونة" (2 /98 ،120) ، "تحفة المحتاج" (7/232).
ثالثا:
قد ذكرت أنه طلقك طلقة في الهاتف قبل الدخول، وهذه طلقة بائنة، ثم إنكما رجعتما بعقد جديد.
ثم ذكرت أنه طلقك الطلاق الثالث بالقول في اليوم الأخير من الحيض، ولم تذكري شيئا عن الطلاق الثاني.
وهذا الطلاق الذي في الحيض لا يقع على الراجح.
وعليه؛ فإذا لم يكن طلقك الطلاق الثاني، وما جاء في السؤال من أنه طلقك الطلاق الثالث: مجرد غلط في ذكر رقم الطلقة؛ فقد وقعت عليك طلقة واحدة وهي الأولى، وأنت زوجته الآن؛ لأن الطلاق في الحيض لا يقع، ومن الجيّد أن يعقد والدك لك، فهذا تصحيح للعقد، ويبقى لك طلقتان.
وإن كان طلقك طلقة ثانية، فقد بقيت لكما واحدة.
حكم البحث عن صحة عقد النكاح بعد وقوع الطلاق للتخلص من الطلاق
وليس لأحد بعد وقوع الطلاق أن يبحث في أصل عقد النكاح ، هل كان صحيحا أو فاسدا ، ليتخلص من الطلاق، فإن هذا تلاعب بالدين، فإنه كان يستمتع بزوجته على أنها زوجة له، ثم طلقها ليرفع حكم الزوجية التي كان يعتقد وجودها، فكيف يعود بعد ذلك ليقول إن النكاح لم يكن صحيحا؟!
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل تزوج بامرأة وليها فاسق، يأكل الحرام، ويشرب الخمر، والشهود أيضا كذلك، وقد وقع به الطلاق الثلاث فهل له بذلك الرخصة في رجعتها؟
فأجاب:
إذا طلقها ثلاثا وقع به الطلاق، ومن أخذ ينظر بعد الطلاق في صفة العقد، ولم ينظر في صفته قبل ذلك؛ فهو من المتعدين لحدود الله، فإنه يريد أن يستحل محارم الله قبل الطلاق وبعده .
والطلاق في النكاح الفاسد المختلف فيه: يقع عند مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة، والنكاح بولاية الفاسق يصح عند جماهير الأئمة . والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/101).
وسئل أيضا : " عن رجل تزوج امرأة من سنين، ثم طلقها ثلاثا، وكان ولي نكاحها فاسقا، فهل يصح عقد الفاسق، بحيث إذا طلق ثلاثا لا تحل له إلا بعد نكاح غيره، أو لا يصح عقده ؟ فله أن يتزوجها بعقد جديد، وولي مرشد من غير أن ينكحها غيره؟
فأجاب :
، إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق، وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقا، ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح، بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة .
وإذا فرع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه؛ فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما . وهذا الزوج كان يستحل وطأها قبل الطلاق , ولو ماتت لورثها، فهو عامل على صحة النكاح، فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده ؟! فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده، وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء، كان عليه أن يعتقد ذلك، سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين.
وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث، لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفي وقت يقلدون من يصححه؛ بحسب الغرض والهوى، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة " انتهى من "الفتاوى الكبرى"(3/204).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب