أود السؤال عن الاشتراط عند عقد النكاح، هل يكون الشرط صحيحا إذا اشترطته الفتاة على خطيبها وهو وافق دون إعلام وليها أبيها، أو كتابة الشرط في عقد النكاح، أو ذكره عند الحاضرين للعقد، أي يكون سرا بينهما فقط، فهل يكون هذا شرطا صحيحا يثبت لها الفسخ إذا خالفه؟
هل يجب إشهاد الشهود على ما يشترط في النكاح أم يكفي اتفاق الزوجين على الشرط؟
السؤال: 372704
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا اشترطت المرأة على خاطبها شرطا عند عقد الزواج أو قبله، وكان الشرط لا يخالف الشرع، فهو شرط صحيح يلزم الوفاء به، ولو لم يطلع عليه الولي أو الشهود.
فإن لم يفِ الزوج بالشرط، كان للزوجة الفسخ.
لكن إن أنكر الزوج الشرط، ولم يكن شهد عليه أحد: ضاع حقها؛ ففائدة اطّلاع الشهود على الشرط: توثيق الشرط لضمان حق صاحب الشرط، رجلا كان أو امرأة.
قال في “شرح منتهى الإرادات” (2/664): ” [باب الشروط في النكاح]
أي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر، مما له فيه غرض.
(ومحل المعتبر منها) – أي الشروط في النكاح – : (صُلب العقد)؛ أي عقد النكاح، (وكذا لو اتفقا عليه قبله)؛ أي قبل العقد، في ظاهر المذهب، قاله الشيخ تقي الدين، وقال: على هذا جواب أحمد في مسائل الحيل، لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود: يتناول ذلك تناولا واحدا. قال في الإنصاف: وهو الصواب الذي لا شك فيه.
فإن لم يقع الشرط إلا بعد لزوم العقد: لم يلزم. نصا [يعني : نص عليه الإمام أحمد]” انتهى.
والشروط في النكاح أنواع ينبغي معرفتها، فمنها الجائز ومنها المحرم.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (7/93): “وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة:
أحدها: ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها؛ فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل، فلها فسخ النكاح. يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد , وطاوس، والأوزاعي، وإسحاق.
وأبطل هذه الشروط الزهري , وقتادة وهشام بن عروة ومالك، والليث، والثوري، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي…
فإذا ثبت أنه شرط لازم، فلم يف لها به: فلها الفسخ، ولهذا قال الذي قضى عليه عمر بلزوم الشرط: إِذًا يُطَلِّقْنَنَا!! فلم يلتفت عمر إلى ذلك، وقال: مقاطع الحقوق عند الشروط؛ ولأنه شرط لازم في عقد؛ فيثبت حق الفسخ بترك الوفاء به، كالرهن والضمين في البيع…
فصل: فإن شرطت عليه أن يطلق ضَرتها: لم يصح الشرط، لما روى أبو هريرة قال: نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – أن تشترط المرأة طلاق أختها. وفي لفظ أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها، ولتنكح؛ فإن لها ما قُدر لها رواهما البخاري؛ والنهي يقتضي فساد المنهي عنه. ولأنها شرطت عليه فسخ عقده، وإبطال حقه وحق امرأته، فلم يصح، كما لو شرطت عليه فسخ بيعه…
ما يبطل الشرط، ويصح العقد: مثل أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن لا ينفق عليها أو إن أصدقها رجع عليها، أو تشترط عليه أن لا يطأها، أو يعزل عنها، أو يقسم لها أقل من قسم صاحبتها، أو أكثر، أو لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة، أو شرط لها النهار دون الليل، أو شرط على المرأة أن تنفق عليه أو تعطيه شيئا؛ فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها؛ لأنها تنافي مقتضى العقد؛ ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، فلم يصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع، فأما العقد في نفسه فصحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد، لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به، فلم يبطله…
القسم الثالث: ما يبطل النكاح من أصله، مثل أن يشترطا تأقيت النكاح، وهو نكاح المتعة، أو أن يطلقها في وقت بعينه، أو يعلقه على شرط، مثل أن يقول: زوجتك إن رضيت أمها أو فلان أو يشترط الخيار في النكاح لهما، أو لأحدهما؛ فهذه شروط باطلة في نفسها، ويبطل بها النكاح” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب