0 / 0

من هو (الرَّجال بن عنفوة) وما خبره؟

السؤال: 373356

ما صحة ما يروى عن الرجال بن عنفوة؟ وما هي قصته ونهايته؟ وما موقفنا منه؟ فقد قرأت أن ما يروى عنه لا يصح.

ملخص الجواب

الرجال بن عنفوة  كان صاحبا لمسيلمة الكذاب، وخبره مشهور عند أهل التاريخ والمغازي، فيستأنس بذكره في حوادث التاريخ، لكن ما روي في شأنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فليس له إسناد صحيح.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الرجال بن عنفوة، اشتهر عند أهل التاريخ والسير أنه كان صاحبا لمسيلمة الكذاب، ووفد معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ بعض القرآن، ثم ارتد وأيد مسيلمة الكذاب في ادعاءه النبوة، وحسّن له ضلاله وفتنته، حتى قتل معه في حروب الردة.

وقد روى خبره ابن سعد في "الطبقات" (1/273)، بإسنادين قال: أخبرنا محمّد بن عمر الأسلمي قال: حدّثني الضحّاك بن عثمان عن يزيد بن رومان، قال محمّد بن سعد: وأخبرنا عليّ بن محمّد القرشي عن مَن سمّى من رجاله قالوا: ( قدم وفد بني حنيفة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بضعة عشر رجلًا، فيهم رَجّال بن عُنْفُوَة، وسلمى بن حَنْظَلة السُّحَيْمي، وطلْق بن عليّ بن قيس، وحُمران بن جابر من بني شَمِر، وعليّ بن سِنان، والأقعس بن مَسْلَمة، وزيد بن عبد عمرو، ومُسَيْلمَة بن حبيب … فأتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في المسجد فسلموا عليه وشهدوا شهادة الحقّ، وخلّفوا مُسيلمة في رحلهم، وأقاموا أيّامًا يختلفون إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان رجَّال بن عُنْفُوة يتعلّم القرآن من أُبيّ بن كعب، فلما أرادوا الرجوع إلى بلادهم أمر لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم. بجوائزهم خمس أواق لكلّ رجل، فقالوا: يا رسول الله إنّا خَلَّفنا صاحبًا لنا في رحالنا يُبصرها لنا، وفي ركابنا يحفظها علينا، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثل ما أمر به لأصحابه وقال: لَيْسَ بِشَرّكُمْ مَكانًا لِحِفْظِهِ رِكابَكُمْ ورِحالَكُمْ، فقيل ذلك لمُسَيلمة، فقال: عرف أن الأمر إليّ من بعده.

ورجعوا إلى اليمامة … وادعى مُسَيلمة، لَعنه الله، النبوة، وشهد له الرَّجَّال بن عُنْفُوَةَ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أشركه في الأمر، فافتتن النّاس به ).

لكنَّ إسناديه ضعيفان، فالأول مداره على الواقدي، وهو ضعيف.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" الواقدي رحمه الله ضعيف عند أهل الحديث وغيرهم، لا يحتج برواياته المتصلة " انتهى . "المجموع" (1/114).

وقال الذهبي رحمه الله تعالى:

" جمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يُستغنى عنه في المغازي ، وأيام الصحابة وأخبارهم…

وقد تقرر أن الواقدي ضعيف ، يحتاج إليه في الغزوات ، والتاريخ ، ونورد آثاره من غير احتجاج…

لا عبرة بتوثيق من وثقه إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي رحمه الله " انتهى . "سير اعلام النبلاء" (9/ 454 – 469).

والثاني عن عليّ بن محمّد القرشي وهو المدائني لكنه يرويه عن مجاهيل.

وروى خبره أيضا الطبري في "التاريخ" (3/282)، قال:

" كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة بن الأعلم، عن عبيد بن عمير، عن أثال الحنفي- وكان مع ثمامة بن أثال- قال: وكان مسيلمة يصانع كل أحد ويتألفه ولا يبالي أن يطلع الناس منه على قبيح، وكان معه …الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، فبعثه معلما لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، وليشدد من أمر المسلمين، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد له أنه سمع محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: إنه قد أشرك معه، فصدقوه واستجابوا له … " انتهى.

وروى أيضا في "التاريخ" (3/291):

" كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة، عن عبيد بن عمير، قال: كان الرجال بحيال زيد بن الخطاب، فلما دنا صفاهما، قال زيد: يا رجال، الله الله! فو الله لقد تركت الدين، وإن الذي أدعوك إليه لأشرف لك، وأكثر لدنياك فأبى، فاجتلدا فقتل الرجال … " انتهى.

ومدار هذه الأخبار على سيف وهو ضعيف أيضا.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" سيف بن عمر التميمي الأسدي الكوفي، صاحب التواليف، ضعفه بن معين وغيره " انتهى. "الكاشف" (1/476).

وقال في "المغني" (1/292):

" سيف بن عمر التميمي الأسدي، له تواليف متروك باتفاق، وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة. قلت: ادرك التابعين، وقد اتهم، قال ابن حبان: يروي الموضوعات " انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" سيف بن عمر التميمي، صاحب كتاب "الردة"… الكوفي، ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 262).

فهذه الأخبار وإن ضعفت أسانيدها؛ إلا أن أمر الرجال هذا مشهور، وقد ذكره ابن أبي حاتم، حيث قال رحمه الله تعالى:

" رحال بن عنفوة قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني حنيفة وكانوا بضعة عشر رجلا فأسلموا سمعت أبي يقول ذلك.

قال أبو محمد: لم يرو عنه الحديث " انتهى. "الجرح والتعديل" (3/519).

وتعقّبه الحافظ ابن حجر بقوله رحمه الله تعالى:

" رجّال: بتشديد الجيم، وضبطه عبد الغنيّ بالمهملة قال الأمير: الأكثر على أنه بالجيم، ابن عنفوة- بنون وفاء- الحنفيّ.

ذكره ابن أبي حاتم، فقال: قدم على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في وفد بني حنيفة، وكانوا بضعة عشر رجلا فأسلموا، سمعت أبي يقول ذلك.

قلت: لكنه ارتد وقتل على الكفر.

فروى سيف بن عمر في "الفتوح"، عن مخلد بن قيس البجلي، قال: خرج فرات بن حيّان، والرّجال بن عنفوة، وأبو هريرة من عند رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ( لضرس أحدهم في النّار أعظم من أحد، وإنّ معه لقفا غادر ). فبلغهم ذلك، إلى أن بلغ أبا هريرة وفراتا قتل الرجال، فخرّا ساجدين.

وروى الواقديّ عن رافع بن خديج، قال: كان في الرّجال بن عنفوة من الخشوع واللزوم لقراءة القرآن والخير فيما يرى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم شيء عجيب، فخرج علينا يوما والرّجال معنا جالس، فقال: ( أحد هؤلاء النفر في النّار )، قال رافع: فنظرت فإذا هم أبو هريرة، وأبو أروى، والطّفيل بن عمرو، والرّجال، فجعلت انظر وأتعجب، فلما ارتدّت بنو حنيفة سألت ما فعل الرّجال؟ فقالوا: افتتن وشهد لمسيلمة أنّ رسول اللَّه أشركه في الأمر، فقلت: ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم هو الحق. قالوا: وكان الرّجال يقول كبشان انتطحا فأحبّهما إلينا كبشنا- يعني مسيلمة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم " انتهى. "الإصابة" (3 / 608 – 609).

لكن ما ذكره من حديث رافع بن خديج في شأنه ليس له إسناد صحيح.

فقد رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 283)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ جُمْهُورٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُوحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كَانَ بِالرَّجَالِ بْنِ غَنْمَوَيْهِ [عنفوة] مِنَ الْخُشُوعِ وَاللُّزُومِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْخَيْرِ فِيمَا يَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ عَجَبٌ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَالرَّجَالُ مَعَنَا جَالِسٌ مَعَ نَفَرٍ فَقَالَ: ( أَحَدُ هَؤُلَاءِ النَّفْرِ فِي النَّارِ )، قَالَ رَافِعٌ: فَنَظَرْتُ فِي الْقَوْمِ، فَإِذَا بِأَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ وَأَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ وَرِجَالُ بْنُ غَنْمَوَيْهِ [عنفوة]، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وأَتَعَجَّبُ وَأَقُولُ مَنْ هَذَا الشَّقِيُّ؟ وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَتْ بَنُو حَنِيفَةَ، فَسَأَلَتْ مَا فَعَلَ الرِّجَالُ بْنُ غَنْمَوَيْهِ؟ فَقَالُوا: فُتِنَ هُوَ الَّذِي شَهِدَ لمُسَيْلِمَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَشْرَكَهُ فِي أَمْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَقُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ وَسُمِعَ الرِّجَالُ يَقُولُ: كَبْشَانِ انْتَطَحَا فَأَحَبُّهُمَا إِلَيْنَا كَبْشُنَا ).

فمداره على الواقدي وهو مضعّف في الحديث.

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" وفي إسناد هذا الحديث الواقدي، وهو ضعيف " انتهى. "مجمع الزوائد" (8 / 290).

ورواه الحميدي من حديث أبي هريرة، كما في "المطالب العالية" (9/21)، ففيه: " وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حدثنا سُفْيَانُ، حدثنا عِمْران بْنُ ظَبْيان، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قال لي أبو هريرة رضي الله عنه: أتعرف الرَجَّال؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( ضِرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحد). وَكَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَلَحِقَ بِمُسَيْلِمَةَ، وَقَالَ: كَبْشَانِ انْتَطَحَا، فَأَحَبُّهُمَا إليّ أن يغلب كبشي " انتهى.

وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الحنفي، وللين حال عمران بن ظبيان.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

"عمران بن ظبيان عن عدي بن ثابت: فيه لين، وقال البخاري: فيه نظر" انتهى. "المغني في الضعفاء" (2/478).

ورواه الطبري في "التاريخ" (3/289):

"حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن شيخ من بني حنيفة، عن أبي هريرة، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما- وأبو هريرة ورجال بن عنفوة في مجلس عنده … ) ".

وهذا ضعيف أيضا فابن حميد وسلمة قد ضعّفا، ولجهالة الشيخ الحنفي.

ورواه أيضا في "التاريخ" (3/287):

"كتب إلي السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف، عن طلحة، عن عكرمة، عن أبي هريرة، وعبد الله بن سعيد عن أبي سعيد عن أبي هريرة … " انتهى.

وهذا إسناد ضعيف لضعف سيف، كما سبق بيانه.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android