0 / 0

ما حكم امتناع الزوج عن معاشرة زوجته ومنعها من الإنجاب حتى تزيد وزنها بحجة أن جسمها لا يعجبه؟

السؤال: 375274

هل يحق للزوج إجبار الزوجة على زيادة وزنها؛ بحجة أن ذلك ضمن طاعة الزوج ؟ علما بأنه رآها عدة مرات في النظرة الشرعية، وكذلك رأتها الأم بدون حجاب، والوزن في الحدود الطبيعية صحيا،
كما إنه يمنعها من الإنجاب دون رضاها لحين زيادة الوزن؛ لأن جسمها لا يعجبه، ولا يريد أبناء يربطونه بها وهي هكذا، ومضى على إشهار الزواج سنتان، وهي تعيش عنده، ولا زالت بكرا، حيث يأخذ حقه الشرعي بصفة شبه يومية دون دخول، وهل يحق لها الامتناع عنه لكونه يفوت حقها في الاستمتاع والإنجاب؟

الجواب

أولا:

الإنجاب حق مشترك للزوجين

الإنجاب حق مشترك للزوجين، فليس لأحدهما أن يمتنع منه دون رضى الآخر، ولهذا جاء النهي عن أن يعزل الرجل عن الحرة إلا بإذنها؛ لاشتراكهما في حق الإنجاب.

روى أحمد (212)، وابن ماجه (1928) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا”

وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند، وضعفه الألباني في “ضعيف ابن ماجه”.

قال ابن قدامة رحمه الله: ” ولا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها. قال القاضي: ظاهر كلام أحمد وجوب استئذان الزوجة في العزل … لما روي عن عمر – رضي الله عنه – قال: نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها رواه الإمام أحمد، في ” المسند ” وابن ماجه.

ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر، فلم يجز إلا بإذنها” انتهى من “المغني” (7/ 298).

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ” أهل العلم يقولون: إنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، أي: لا يعزل عن زوجته الحرَّة إلا بإذنها؛ لأن لها حقًّا في الأولاد، ثم إن في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها، فاستمتاع المرأة لا يتم إلا بعد الإنزال، وعلى هذا، ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها، وتفويت لما يكون من الأولاد، ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها ” انتهى من ” فتاوى إسلامية ” (3/ 190).

ثانيا:

الجماع من حقوق الزوجة على زوجها 

يلزم الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف بما يعفّها.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر، والشهرين، لا يطؤها، فهل عليه إثم أم لا؟ وهل يطالب الزوج بذلك؟

فأجاب: ” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها، والوطء الواجب، قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدَر حاجتها وقُدْرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقُدْرته، وهذا أصح القولين” انتهى من “مجموع الفتاوى (32/ 271).

ثالثا:

حكم الامتناع عن طء الزوجة

من امتنع عن وطء امرأته – غير الناشز – أربعة أشهر، من غير عذر، كان في حكم المولي، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي، وهذا مذهب المالكية، ورواية عند الحنابلة اختارها جماعة منهم.

قال ابن رشد: ” وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين: فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين، ومالك يُلزمه، وذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء وإن لم يحلف على ذلك، فالجمهور اعتمدوا الظاهر، ومالك اعتمد المعنى؛ لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين، لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا” انتهى من “بداية المجتهد” (2/ 101).

رابعا:

لا يجب على الزوجة أن تعمل على زيادة وزنها لطلب زوجها، ولا يلزمها طاعته في الأكل والشرب، ونحو ذلك.

خامسا:

ما التصرف مع الزوج الذي يرفض جماع زوجته والإنجاب منها؟ 

قد أخطأ الزوج أخطاء ظاهرة بحرمان زوجته من الوطء ومن حقها في الإنجاب.

وللزوجة الحق في رفع أمرها للقضاء باعتبار زوجها موليا، كما لها الحق في الامتناع عن فراشه حتى يعطيها حقها.

سئل الشيح ابن عثيمين: ” هل يجوز لنا نحن النساء تطبيق الآية الكريمة (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) أي الهجر لأزواجنا بالفراش عندما ينشزون أو يميلون عن الطريق الصحيح السليم أم ماذا نفعل جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الآية لا تتناول النساء لأن الله قال (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) أما نشوز الرجل فقد قال الله تعالى (وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً) فأرشد الله تعالى إلى الصلح، فيما إذا خافت المرأة من زوجها النشوز، ولم يأمرها أن تعظه أو تهجره أو تضربه؛ لأنه لا يمكن أن يكون للمرأة سلطة على الرجل، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الفرس جعلوا ملكهم بنت كسرى قال صلى الله عليه وسلم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).

ولكن إذا أخذنا بعموم قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)، قلنا يجوز للمرأة إذا منع الزوج حقها أن تمنع حقه، حتى يستقيم على أمر الله؛ لعموم الآية (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)؛ فإذا كان مقصراً في حقها، ورأت أنه لن يستقيم ولن يؤدي ما أوجب الله عليه من معاشرة المرأة بالمعروف إلا أن تمتنع من حقه، مثل ما منع من حقها: فلا بأس بذلك” انتهى من فتاوى نور على الدرب.

وينبغي نصح الزوج، وتذكيره بالله تعالى، وبأداء الحقوق لأهلها، وينبغي أن يعلم أن ولادة المرأة تزيد غالبا من وزنها، وأن الاهتمام بهذه الأمور ليس محمودا، فإن الإنسان قد يطلب المرأة السمينة، فإذا سمنت رغب في النحيفة!

ويقال للزوجة: إنه إذا أمكن زيادة الجسم، زيادة لا تضر بها، تلبية لرغبة الزوج: فهذا خير .

روى أبو داود (3903)، وابن ماجه (3324) عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ” أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُسَمِّنَنِي لِدُخُولِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَمْ أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تُرِيدُ حَتَّى أَطْعَمَتْنِي الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ عَلَيْهِ كَأَحْسَنِ السَّمْنِ ” وصححه الألباني.

ولفظ ابن ماجه: ” كَانَتْ أُمِّي تُعَالِجُنِي لِلسُّمْنَةِ، تُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَنِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ، حَتَّى أَكَلْتُ الْقِثَّاءَ، بِالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ، كَأَحْسَنِ سِمْنَةٍ”.

ونسأل الله أن يسعدهما ويصلح بالهما.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android