هل صحيح أن الإمام مالك تأول نزول الرب بنزول الأمر، كما في”التمهيد” (7/143)، و”سير أعلام النبلاء” (8/105)، “الرسالة الوافية” لأبي عمرو الداني (ص 136)، “شرح النووي على صحيح مسلم” (6/37)، “الإنصاف” لابن السيد البطليوسي (ص82) ؟
وهل تأول الشافعي صفة الوجه يعني، والله أعلم (فثم الوجه) الذي وجّهكم الله إليه، كما في “الأسماء والصفات” للبيهقي (ص309)؟
وهل تأول الحسن البصري قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ)، أي جاء أمره وقضاؤه، كما في “تفسير البغوي” (4/454)، ونقل الإمام القرطبي في “التفسير” (20/55)؟
وهل تأول الضحاك وأبو عبيدة في قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ) أي (إلا هو)، كما في”دفع شبه التشبيه” (ص 113)؟
وهل تأول سفيان الثوري الاستواء على العرش (بقصد أمره)، كما في”مرقاة المفاتيح” (2/137)؟
حكاية الإجماع على براءة السلف من التأويل والجواب عما ادعي في ذلك
السؤال: 380377
Table Of Contents
أولا:
السلف مجمعون على إثبات الصفات على الحقيقة
مذهب السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه ويسلم من الصفات، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تأويل ولا تعطيل .
والنقول عنهم في ذلك مستفيضة.
والتأويل المتنازَع فيه: هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر، إلى معنى مرجوح، لدليل وقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، كتأويل اليد بالقدرة، أو القوة، وتأويل الاستواء بالاستيلاء .
وهذا التأويل : لم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين، ولا الأئمة المتبوعين.
وأهل السنة مجمعون على إثبات الصفات على الحقيقة، وهذا ينفي التأويل والتفويض؛ إذ كلاهما مبني على المجاز وأن اللفظ مصروف عن ظاهره.
وانظر في بيان أن الصفات على الحقيقة: جواب السؤال رقم:(151794).
ثانيا:
عدم ثبوت التأويل عن السلف وكلام أهل العلم في ذلك
قد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على عدم ثبوت التأويل عن السلف، ونسبوا التأويل للجهمية والمعتزلة.
ونحن نسوق شيئا من كلامهم رحمهم الله:
1-قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله (ت150هـ): “وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفته بلا كيف، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته تعالى بلا كيف” انتهى من “الفقه الأكبر، مع شرحه” لملا علي القاري، ص 58.
2-وقال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله (ت 189هـ): “اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل، من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً من ذلك فقد خرج عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وفارق الجماعة؛ فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة، ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة؛ لأنه قد وصفه بصفة لا شيء” رواه اللالكائي في “شرح أصول الاعتقاد” (3/432)، وانظر: “العرش” للذهبي(2/196).
والتفسير هو التأويل في اصطلاح السلف.
3-وقال الإمام الترمذي رحمه الله (ت 279هـ) بعد إيراد حديث (إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه … ) من سننه (رقم 662): ” وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ويؤمن بها، ولا يتوهم ولا يقال كيف؟ هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه.
وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد ها هنا القوة.
وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه.
وأما إذا قال، كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول: كيف؟ ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ” انتهى.
4-وقال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (395 هـ): ” إن الأخبار في صفات الله عز وجل جاءت متواترة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – موافقة لكتاب الله عز وجل، نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن، من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا، على سبيل إثبات الصفات لله عز وجل، والمعرفة والإيمان به، والتسليم لما أخبر الله عز وجل به في تنزيله، وبينه الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن كتابه، مع اجتناب التأويل والجحود، وترك التمثيل والتكييف ” انتهى من “كتاب التوحيد” (3/7).
5-وقال الإمام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت516 هـ): “والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، واليدين، والعين، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك والفرح”.
وساق الأدلة عليها ثم قال: “فهذه ونظائرها صفات لله تعالى، ورد بها السمع، يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها، معرضاً عن التأويل، مجتنباً عن التشبيه، معتقداً أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الشورى11، وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعاً بالقبول والتسليم، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل… ” ثم ساق آثار السلف، كما في “شرح السنة” (1/ 163-171).
6-وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله (ت 620هـ): “فقَدْ ثَبَت ما ادَّعَيْناه مِنْ مذهب السلف رحمةُ الله عليهم بما نقَلْناه عنهم جملةً وتفصيلًا، واعترافِ العلماء مِنْ أهل النقل كُلِّهم بذلك، ولم أعلم عن أحَدٍ منهم خلافًا في هذه المسألة، بل قد بلغني عمَّنْ يذهب إلى التأويل لهذه الأخبار والآياتِ الاعترافُ بأنَّ مذهب السلفِ فيما قُلْناه، ورأيتُ لبعض شيوخهم في كتابه قال: اختلف أصحابُنا في أخبار الصِّفات؛ فمنهم مَنْ أَمَرَّها كما جاءَتْ مِنْ غيرِ تفسيرٍ ولا تأويلٍ، مع نفي التشبيه عنها، وهو مذهب السلف؛ فحَصَل الإجماعُ على صحَّةِ ما ذكَرْناه” انتهى من “ذم التأويل” ص 26.
7-وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله (ت795 هـ): “والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، من غير تفسير لها ولا تكييف ولا تمثيل، ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك ألبتة؛ خصوصاً الإمام أحمد، ولا خوض في معانيها، ولا ضرب مثل من الأمثال لها” انتهى من “فضل علم السلف على الخلف” ص55.
فبراءة السلف من التأويل أمر معلوم مستفيض، حتى صرح بذلك جماعة من المتكلمين، كالجويني رحمه الله، وقال: ” وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب سبحانه.
والذي نرتضيه رأيًا، ونَدين الله به عقدًا: اتباعُ سلف الأمة؛ فالأَوْلى الاتباع وترك الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها، ودرك ما فيها، وهم صفوةُ الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألُون جُهدًا في ضبط قواعد الملة، والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها.
فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا، لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا انصرم عصرُهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعًا بأنه الوجهُ المتَّبَع بحق” انتهى من “الرسالة النظامية”، ص32.
فلا معنى للتفتيش عن كلمة لأحدهم هنا أو هناك، وادعاء أن التأويل من مذهبهم، فهذه الكلمة لا تخرج غالبا عن أمرين:
1-أنها لا تصح عن قائلها.
2-أنها من التفسير باللازم الذي يظنه بعض الناس تأويلا، وليس كذلك.
ولو فرض وجود كلمة لأحدهم في التأويل، فلا حجة فيها، فلا يؤخذ منها جواز التاويل ولا أن منهج السلف التأويل.
قال الإمام أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرَجي الشافعي رحمه الله (ت532هـ): ” تأويل السلف إن صدر من الصحابة فهو مقبول؛ لأنهم سمعوه من الرسول، وإن صدر من غيرهم وتابعهم عليه الأئمة قبلناه، وإن تفرد، نبذناه وأعرضنا عنه إعراضنا عن تأويل الخلف” نقله شيخ الإسلام في “بيان تلبيس الجهمية” (6/398).
ثالثا:
توضيح الإشكالات المذكورة في السؤال
أما الجواب المفصل عما أوردته، فكما يلي:
1-ما جاء عن الإمام مالك من تأويل نزول الله تعالى بنزول أمره، فلا يصح؛ لأنه من رواية حبيب بن أبي حبيب، كاتب مالك، وهو كذاب.
قال أبو داود: (كان من أكذب الناس)، وقال ابن حبان: (يروي عن الثقات الموضوعات).
وقال ابن عدي: (وعامة حديث حبيب موضوع المتن مقلوب الإسناد، ولا يحتشم حبيب في وضع الحدث على الثقات، وأمره بيّن في الكذابين).
وجاء الأثر من طريق آخر عند ابن عبد البر في التمهيد من طريق محمد بن علي الجبلي عن جامع بن سوادة عن مطرف عن مالك أنه سئل عن حديث التنزل؟ فقال: (يتنزل أمره).
وإسناده لا يصح؛ فإن جامع بن سوادة مجهول، وقد روى له الدارقطني في غرائب مالك حديثاً ثم قال: (جامع ضعيف). وقال عنه ابن الجوزي في الموضوعات: (جامع بن سوادة مجهول).
فلا يصح هذا الأثر عن مالك بحال.
ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: “وكذلك ذكرت هذه رواية عن مالك، رويت من طريق كاتبه حبيب بن أبي حبيب؛ لكن هذا كذاب باتفاق أهل العلم بالنقل، لا يقبل أحد منهم نقله عن مالك. ورويت من طريق أخرى ذكرها ابن عبد البر، وفي إسنادها من لا نعرفه” انتهى من “مجموع الفتاوى”(5/401).
ثم هذا يعارض المستفيض الثابت عن مالك والسلف من منع التأويل.
ولو صح لحُمل على معنى لا ينفي نزول الرب تبارك وتعالى، بل يكون من باب التفسير باللازم، فإن نزول الرب تكون معه الرحمة والإجابة، وذلك من أمره.
قال ابن عبد البر رحمه الله: “ولو صح ما روي في ذلك عن مالك ، كان معناه أن الأغلب من استجابة دعاء من دعاه من عباده في رحمته وعفوه ، يكون ذلك الوقت” انتهى من “الاستذكار” (2/529).
2-ما جاء عن الشافعي رحمه الله في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) البقرة/115 على ما حكاه عنه المزني قال: “فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه” كما ذكر البيهقي في “الأسماء والصفات” (2/106).
فهذه الآية مما اختلف السلف في كونها من آيات الصفات؟ وأكثرهم على أنها ليست من آيات الصفات، ففسروها بما ذُكر، وذلك أن الوجه قد يراد به الجهة في لغة العرب، وهذا كثير مشهور، وظاهر الآية يدل على أن المراد بالوجه الجهة، لا الصفة، فهذا تفسير بالظاهر ليس تأويلا؛ إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” ولهذا لما اجتمعنا في المجلس المعقود وكنت قد قلت: أمهلت كل من خالفني ثلاث سنين ، إن جاء بحرف واحد عن السلف يخالف شيئا مما ذكرته ، كانت له الحجة ، وفعلت وفعلت، وجعل المعارضون يفتشون الكتب ، فظفروا بما ذكره البيهقي في كتاب ” الأسماء والصفات ” في قوله تعالى: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فإنه ذكر عن مجاهد والشافعي: أن المراد قبلة الله ، فقال أحد كبرائهم – في المجلس الثاني-: قد أحضرت نقلا عن السلف بالتأويل، فوقع في قلبي ما أعدّ، فقلت: لعلك قد ذكرت ما روي في قوله تعالى: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ؟ قال: نعم. قلت: المراد بها قبلة الله. فقال: قد تأولها مجاهد والشافعي وهما من السلف. ولم يكن هذا السؤال يرد علي؛ فإنه لم يكن شيء مما ناظروني فيه صفة الوجه، ولا أثبتُّها ، لكن طلبوها من حيث الجملة، وكلامي كان مقيدا كما في الأجوبة، فلم أر إحقاقهم في هذا المقام، بل قلت: هذه الآية ليست من آيات الصفات أصلا، ولا تندرج في عموم قول من يقول: لا تؤول آيات الصفات. قال: أليس فيها ذكر الوجه ؟ فلم قلت: المراد بها قبلة الله؟ قال: أليست هذه من آيات الصفات؟ قلت: لا. ليست من موارد النزاع ؛ فإني إنما أسلم أن المراد بالوجه – هنا – القبلة ، فإن ” الوجه ” هو الجهة في لغة العرب ، يقال: قصدت هذا الوجه ، وسافرت إلى هذا ” الوجه ” ، أي: إلى هذه الجهة . وهذا كثير مشهور فالوجه هو الجهة. وهو الوجهة: كما في قوله تعالى: ولكل وجهة هو موليها أي متوليها، فقوله تعالى: وِجهةٌ هو موليها ، كقوله: فأينما تولوا فثم وجه الله ؛ كلتا الآيتين في اللفظ والمعنى متقاربتان، وكلاهما في شأن القبلة ، والوجه والجهة هو الذي ذكر في الآيتين أنا نوليه؛ نستقبله. قلت: والسياق يدل عليه ، لأنه قال: فأينما تولوا ، وأين من الظروف ، وتولوا : أي تستقبلوا. فالمعنى: أيَّ موضع استقبلتموه ، فهنالك وجه الله ، فقد جعل وجه الله في المكان الذي يستقبله، هذا بعد قوله: ولله المشرق والمغرب، وهي الجهات كلها كما في الآية الأخرى: قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ؛ فأخبر أن الجهات له ، فدل على أن الإضافة إضافة تخصيص وتشريف؛ كأنه قال: جهة الله ، وقبلة الله …
والغرض أنه إذا قيل: ” فثم قبلة الله ” لم يكن هذا من التأويل المتنازع فيه؛ الذي ينكره منكرو تأويل آيات الصفات؛ ولا هو مما يستدل به عليهم المثبتة ؛ فإن هذا المعنى صحيح في نفسه ، والآية دالة عليه ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (6/ 15-17).
3-ما روي عن الحسن البصري أنه قال في قوله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ): جاء أمره وقضاؤه.
فهذا ليس له إسناد يعرف عن الحسن البصري، ولم يذكره أحد من المصنفين من أهل الرواية.
4- ما جاء عن الضحاك وأبي عبيدة في قوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ): أي إلا هو.
وهذا يروى عن غيرهما، وبعضهم يقول: إلا ذاته، وهذا ليس من التأويل في شيء؛ لأن الشيء قد يعبر عنه ببعض صفاته، فقوله: (إلا وجهه) : المراد به ذاته تعالى المتصفة بالصفات ومنها الوجه، وبقاء الصفة يستلزم بقاء الموصوف، وهذا ظاهر لا خفاء فيه، إذ لا يفنى منه شيء تعالى الله عن ذلك.
وتفسير الضحاك وأبو عبيدة ليس نفياً لصفة الوجه، بل إثبات لها؛ لأن الوجه المذكور في الآية لو لم يكن صفة له سبحانه، لما دل على بقائه، ولَكان داخلاً في قوله: (كل شيء هالك) تعالى الله عن ذلك.
5- ما حكي عن سفيان الثوري أنه أول الاستواء على العرش: بقصد أمره، والاستواء إلى السماء: بالقصد إليها.
فهذا عزاه إليه ملا علي القاري بلا إسناد، والمعروف المتواتر عن سفيان قوله في جميع الصفات: (أمرّوها كما جاءت بلا كيف).
قال الوليد بن مسلم: “سألت الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية، فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف” .
رواه الآجري في “الشريعة “(ص327) وابن بطة في “الإبانة” (3/241) والدارقطني في “الصفات” (ص172) والصابوني في “اعتقاد أهل الحديث” (ص68) واللالكائي (3/ 527) وابن عبد البر في “الاستذكار” (2/513) والبيهقي في سننه (3/ 4) وفي “الأسماء والصفات” (ص569) وفي “الاعتقاد” (ص123).
والحاصل :
أن السلف بريئون من مذهب التأويل المبتدع.
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(271662)، ورقم:(224764).
والنصيحة لك أن تقبل على كتب أهل السنة، وألا تنظر في شبهات أهل البدع.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة