أريد بياناً شافيا لصحة الأحاديث والآثار الواردة في بئر برهوت؛ لأن هناك من يصف بعض الأحاديث المتعلقة بها بالخرافات.
مدى صحة كون أرواح الكفار في بئر برهوت؟
السؤال: 383601
ملخص الجواب
هذا الخبر لم يرد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسند يصح. وغاية ما ورد في ذلك إنما هي أخبار موقوفة. وهذه الموقوفات أقل أحوالها أن تكون من أخبار أهل الكتاب كما أشار ابن القيم رحمه الله تعالى، ولم يرد في نصوص الوحي ما ينفيها أو يصدقها؛ فيتوقف في أمرها، ويوكل العلم فيها إلى علام الغيوب. وينظر الجواب المطول لمزيد البيان والتوضيح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الخبر لم يرد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسند يصح.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" وأما فقرة أرواح الكفار: فلم ترد في حديث مرفوع، وإنما هي آثار موقوفة ساقها ابن القيم (106-1079)، وكلها ضعيفة الإسناد.
نعم وقع مرفوعاً في مؤلف لأبي سعيد الخراز كما في "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (4/221)، لكن الخراز هذا صوفي مشهور، بيد أنه في الرواية غير معروف. انظر "الضعيفة" (2/209). " انتهى. من هامش تحقيقه لكتاب: "الآيات البينات في عدم سماع الأموات" (ص101).
وحاصل ذلك: أن غاية ما ورد في ذلك إنما هي أخبار موقوفة.
مثل ما رواه عبد الرزاق في "المصنف" (5 /116)، وغيره؛ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَن فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: "خَيْرُ وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ وَادِي مَكَّةُ، وَوَادٍ فِي الْهِنْدِ، هَبَطَ بِهِ آدَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهِ هَذَا الطِّيبُ الَّذِي تَطَّيَّبُونَ بِهِ. وَشَرُّ وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ وَادِي الأَحْقَافِ، وَوَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ يُقَالُ لَهُ: بَرَهَوْتُ. وَخَيْرُ بِئْرٍ فِي النَّاسِ زَمْزَمُ، وَشَرُّ بِئْرٍ فِي النَّاسِ بَلَهَوْتُ، وَهِيَ بِئْرٌ فِي بَرَهَوْتَ، تَجْتَمِعُ فِيهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ".
وهذا الخبر رواته ثقات.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين بالجابية، وأرواح الكفار بحضرموت ببرهوت، فقال أبو محمد بن حزم: هذا من قول الرافضة.
وليس كما قال، بل قد قاله جماعة من أهل السنة.
وقال أبو عبد الله بن منده: وروي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنّ أرواح المؤمنين بالجابية، ثم قال: أخبرنا محمد بن محمد بن يونس، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو داود سليمان ابن داود، حدثنا همام، حدثني قتادة، حدثني رجل، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: " إن أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية، وإن أرواح الكفار تجتمع في سبخة بحضرموت يقال لها: برهوت …"
ثم ساق من حديث سفيان، عن فرات القزاز، عن أبى الطفيل، عن علي، قال: " خير بئر في الأرض زمزم، وشر بئر في الأرض برهوت، بئر في حضرموت، وخير واد في الأرض وادي مكة، والوادي الذي أهبط فيه آدم بالهند منه طيبكم، وشر واد في الأرض الأحقاف وهو في حضرموت ترده أرواح الكفار … "
فهذا جملة ما علمته في هذا القول، فإن أراد عبد الله بن عمرو بالجابية التمثيل والتشبيه، وأنها تجمع في مكان فسيح يشبه الجابيه لسعته وطيب هوائه: فهذا قريب.
وإن أراد نفس الجابية دون سائر الأرض فهذا لا يعلم إلا بالتوقيف، ولعله مما تلقاه عن بعض أهل الكتاب " انتهى من"الروح" (ص321-323).
فهذه الموقوفات أقل أحوالها أن تكون من أخبار أهل الكتاب كما أشار ابن القيم رحمه الله تعالى، ولم يرد في نصوص الوحي ما ينفيها أو يصدقها؛ فيتوقف في أمرها، ويوكل العلم فيها إلى علام الغيوب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الآيَةَ رواه البخاري(4485).
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق.
ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات؛ في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث المشار إليه آنفا: وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه " انتهى من"أضواء البيان" (4/238).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب