تقدمت لفتاة، فرفضني والدها، رغم اعترافه بأنني كفء لها، كل عائلته يعارضونه في هذا القرار، إلا أنه يمانع تغيير رأيه، تقدمت له أكثر من مرة، ووسطت له أهل التقوى فردهم، سببه هو: أنه يريد لابنته أن تنهي جامعتها لأربع سنوات، رغم أنني أقبل أن تكمل تعليمها على نفقتي الخاصة، وأنني أقبل أي شرط، أو تقليل المدة كسنتان، لكنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يزوجني أنا، أو غيري. وقد ذكرت له أنني لا أستطيع الانتظار، فقال: إنه لن يتنازل عن شروطه رغم موافقتها، الفتاة ترغب بالزواج مني، وتريد أن تحقق مصلحتها الشرعية بالزواج من كفء، كما يرغب والدها بتحقيق مصالحها الدنيوية، وأن الأربع سنوات زمن طويل، نحن في دولة فيها محاكم شرعية، تحكم بالمذهب الحنفي، أي أن قضايا العضل تنتقل فيها الولاية إلى القاضي، لا إلى الأبعد، إلا إنهم لا يحكمون لمصلحة الفتاة؛ خوفاً من توابع الحكم، كما إننا ملزمون بتسجيل عقد الزواج في المحكمة، ويقولون أن العقد الغير مسجل في المحكمة هو عقد باطل، كما تفتي به دائرة الإفتاء لدينا، قامت الفتاة باستشارة أهل العلم، فذكروا أن فعل والدها هو عضل، والقول الراجح هو: أن الولاية تنتقل الى الأبعد بدلاً من القاضي، وأن عقد الزواج لا يلزمه التسجيل في المحكمة الشرعية، وإن هذا إفتاء باطل، فوكلت الفتاة أخاها لكنه ممتنع، رغم موافقته علي شخصياً؛ لأنه يعتقد بحرمة الموضوع، رغم أنها عرضت عليه فتاوى العلماء الثقات، ويريد أن يتبع مذهب مكان إقامتنا، المذهب الحنفي، فوكلت عمها، وزوجني إياها، بحضور شاهدين، بإيجاب وقبول، دون تسجيل العقد في المحكمة الشرعية، ودون قاضٍ، فهل هذا عقد باطل؟ وكيف يكون باطلاً، وقد توافرت فيه كل شروط عقد النكاح التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم؟
إذا عضلها الأب ثم زوجها ولي أبعد مع وجود ولي أقرب
السؤال: 391444
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا امتنع الأب من تزويج ابنته من الكفء الذي رضيت به، ولم يبد سببا معقولا، كان عاضلا لها، وتنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء، فإن امتنعوا جميعا، كانت الولاية للقاضي المسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
قال ابن قدامة رحمه الله: " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار: زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتُك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبدا. وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (فلا تعضلوهن) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه. رواه البخاري.
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لهم منعها من التزويج بدون مهر مثلها …
فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلا لها.
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلا لها " انتهى من "المغني" (9/ 383).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة" انتهى ، نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/148).
ثانيا:
ليس للولي الأبعد أن يزوج مع وجود الولي الأقرب، وإمكان حضوره أو توكيله.
وامتناع أخ المرأة من تزويجها له وجه فلا يكون عاضلا، ولا تنتقل الولاية لمن بعده.
ووجه امتناعه ظاهر، وهو ألا يخالف مذهب البلد، وألا يتجاوز الفتوى المعمول بها فيه. وإن كان الصواب: أن التوثيق واجب، لكن يصح العقد بدونه.
قال في "مطالب أولي النهى" (5/67): "(أو) زوجها ولي (أبعد، بلا عذر للأقرب) إليها منه: (لم يصح)، ولو أجازه الأقرب" انتهى.
وعليه؛ فإذا أردت الزواج من هذه المرأة فلترفع أمرها للقضاء الشرعي في بلدها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب