هل هذا الحديث التالي صحيح أم لا؟ وما هي الفوائد المستفادة من هذا الحديث ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صل الله عليه وسلم، قال عن فضل يوم الجمعة : (خير يوم طلعت فيه الشمس، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وهو يوم عيد في السماء والأرض والملائكة تحتفل به، ويؤذن فيه للصلاة جبريل، ويصلي بالملائكة ميكائيل، ويقول جبريل: اللهم اجعل ثواب أذاني للمؤذنين من أمة محمد، ويقول ميكائيل اللهم اجعل ثواب إمامتي لأئمة المسلمين من أمة محمد، وتقول الملائكة: اللهم اجعل ثواب صلاتنا للمصلين من أمة محمد، فيقول الله سبحانه وتعالى: يا ملائكتي أتسخون علي، فأنا أولى بالجود والكرم منكم أشهدكم يا ملائكتي إني غفرت للمؤمنين من أمة محمد).
ما صحة حديث احتفال الملائكة بيوم الجمعة واهداء ثواب أعمالهم للأئمة والمؤذنين والمصلين؟
السؤال: 392609
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الشطر الثاني من هذا الخبر: وهو: ” والملائكة تحتفل به، ويؤذن فيه للصلاة جبريل، ويصلي بالملائكة ميكائيل، ويقول جبريل: اللهم اجعل ثواب أذاني للمؤذنين من أمة محمد، ويقول ميكائيل اللهم اجعل ثواب إمامتي لأئمة المسلمين من أمة محمد، وتقول الملائكة: اللهم اجعل ثواب صلاتنا للمصلين من أمة محمد، فيقول الله سبحانه وتعالى: يا ملائكتي أتسخون علي، فأنا أولى بالجود والكرم منكم أشهدكم يا ملائكتي إني غفرت للمؤمنين من أمة محمد “.
هذا القدر من الحديث المذكور: لم نقف على إسناد له، كما أن فيه مصطلحا لم يعرف إلا بعد الصحابة رضوان الله عليهم، وهو مصطلح: “اهداء ثواب العبادة”.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” ومن هذه الآية الكريمة: ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )، استنبط الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (7/465).
واما الشطر الأول منه، فهو ثابت:
وهو ما رواه الإمام مسلم (854) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ).
وجاء وصفه بأنه يوم عيد، كما ورد عند الإمام أحمد في “المسند” (13 / 395) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ).
وقال محققو المسند: “إسناده حسن”.
فهاذان الحديثان يدلان على أن هذا اليوم له فضل عند الله تعالى.
قال النووي رحمه الله تعالى:
” قال أبو بكر بن العربي في كتابه ” – عارضة -الأحوذي في شرح الترمذي”: الجميع: من الفضائل، وخروج آدم من الجنة هو سبب وجود الذرية وهذا النسل العظيم، ووجود الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء.
ولم يخرج منها طردا؛ بل لقضاء أوطار، ثم يعود إليها.
وأما قيام الساعة: فسبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم، وإظهار كرامتهم وشرفهم.
وفي هذا الحديث: فضيلة يوم الجمعة ومزيته على سائر الأيام ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (6/142).
فلذا على المسلم تعظيمه؛ لأن ما عظمه الله تعالى ينبغي أن يعظم.
قال الله تعالى:(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج/32.
ويكون هذا التعظيم بزيادة الحرص على اجتناب المعاصي فيه، وعلى الإكثار من الطاعات، وخاصة الذكر والدعاء، كما يشير إلى هذا قول الله تعالى:
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الجمعة/10.
قال النووي رحمه الله تعالى:
” اعلم أن كل ما يقال في غير يوم الجمعة يقال فيه، ويزداد استحباب كثرة الذكر فيه على غيره ” انتهى من “الأذكار” (ص 71).
وكذا حديث أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ.
قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ – يَقُولُونَ: بَلِيتَ -؟
فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ).
رواه أبو داود (1047)، والنسائي (1374)، وابن ماجه (1085)، وصححه الألباني في “صحيح سنن أبي داود” (4/214)، وقال: ” إسناده صحيح على شرط مسلم… وصححه ابن حبان أيضا والنووي ” انتهى.
وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: ( فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. رواه البخاري (935)، ومسلم (852).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب