0 / 0

المقصود بمعاداة الكافر ولو كان قريبا أو كان محسنا إليك

السؤال: 394234

ورد عن الشيخ ابن تيمية هذا الكلام: ” المؤمن تجب موالاته، وإن ظلمك، واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك، وأحسن إليك”. “مجموع الفتاوى” (28/118)، أنا أحب الشيخ ابن تيمية، واحترمه، والحمد لله تعالى، ولكن سمعت بعض الناس يقول: إن هذا الاعتقاد فكر إرهابي، وأنا أريد أن أعرف ما المقصود هنا معاداة العقيدة أم معاداة الشخص نفسه حتي لو أحسن إليك؟

ملخص الجواب

العداوة القلبية، أي الكره والبراءة : تكون لكل كافر، محارب وغير محارب، فيبرأ المؤمن من كفره، ويكره ذلك، ولو كان يحبه محبة طبعية لقرابة مثلا، أو كان يبره ويقسط إليه لكونه غير محارب. والمؤمن تجب محبة إيمانه، ولو كان فاسقا، أو ظالما؛ فإنه يهجر في الظاهر، ويكره ما عنده من المعاصي، لكن لا تزول موالاته بالكلية من القلب، ولا تمنع نصرته على الخير، وإعانته على المعروف. وينظر للأهمية التفصيل المذكور في الجواب المطول

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الولاء والبراء من أعظم الفرائض التي بينها الله في كتابه، فولاء المؤمن؛ أي محبته ونصرته: للمؤمنين، وبراءته وعداوة قلبه: للكافرين؛ ولو كانوا أقرب الناس إليه نسبا، كما قال تعالى:

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) المائدة/55- 57.

وقال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة/4.

وقال الله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة/22.

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة/23-24.

وقال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة /51

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ ) رواه أحمد (18524) وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في “صحيح الترغيب” (3030) .

فما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مأخوذ من هذه النصوص، فتجب موالاة المؤمن ولو ظلمك، وتجب معاداة الكافر ولو أحسن إليك، والمقصود بالمعادة: البراءة والكره القلبي لما عليه من الكفر.

وهنا يحسن بيان عدة أمور:

1-أنه قد يجتمع مع المعادة القلبية السابقة: محبة طبعية، كمحبة القرابة ومحبة الزوجة الكتابية، وينظر جواب السؤال رقم: (256706)، ورقم: (154606).

2-أن هذه العداوة القلبية لا تمنع البر والقسط، أي العدل، مع الكافر غير المحارب، كما قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة/8.

قال ابن كثير في تفسيره (8/ 90): ” وقوله تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم، أن تبروهم أي: تحسنوا إليهم وتقسطوا إليهم أي: تعدلوا إن الله يحب المقسطين” انتهى.

3-أن الكافر المحارب يضاف إلى معاداته القلبية: العداوة الظاهرة، كما قال تعالى عقب الآية السابقة: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الممتحنة/9.

فحاصل الأمر: أن العداوة القلبية، أي الكره والبراءة : تكون لكل كافر، محارب وغير محارب، فيبرأ المؤمن من كفره، ويكره ذلك، ولو كان يحبه محبة طبعية لقرابة مثلا، أو كان يبره ويقسط إليه لكونه غير محارب.

والمؤمن تجب محبة إيمانه، ولو كان فاسقا، أو ظالما؛ فإنه يهجر في الظاهر، ويكره ما عنده من المعاصي، لكن لا تزول موالاته بالكلية من القلب، ولا تمنع نصرته على الخير، وإعانته على المعروف.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(257654). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android