أطلب اللوز، الزبيب، التمور وغيرها من أماكن مختلفة في جميع أنحاء البلاد (الهند)، بلدي ضخم. لذا نتواصل في الوقت الحاضر على الإنترنت والمكالمات، عندما يتم الانتهاء من الصفقة، فإن القضية الرئيسية هي الثقة، لا يمكنني دفع المبلغ بالكامل دون رؤية المنتجات بأمّ عيني، ولا يمكنني الاعتماد على الصور التي أرسلها فقط، يطلب 20-50 مقدّما، بالتالي سيتم إرسال الطلب والباقي نقدًا عند التسليم، فهل هذا جائز؟
حكم شراء سلعة بالصفة ودفع جزء من الثمن ثم دفع الباقي عند استلامها
السؤال: 396458
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا كان التمر أو الزبيب أو اللوز غير موجودين لدى البائع، فيصح أن يبيع تمرا موصوفا بصفات منضبطة، إلى أجل معلوم، وفق عقد السلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).
ويشترط حينئذ أن يسلم المشتري الثمن كاملا عند العقد.
ثانيا:
إذا كان التمر ونحوه موجودا لدى البائع، غائبا عن المشتري، فشراؤه له حالتان:
1-أن يشتري كمية منه معينة موصوفة، لا يمكن تبديل عينها، فلا حرج حينئذ أن يدفع جزءا من الثمن ويؤخر الباقي، لأن هذا شراء لشيء معين موصوف غائب.
2-أن يشتري كمية غير معينة، بل تمرا من تمر لدى البائع، بناء على الصفة، فيجب أن يدفع الثمن كاملا عند الشراء؛ لأنه بيعُ موصوف في الذمة، غير معين.
وهذه الصورة هي الغالبة في مثل مسألتك، فالتاجر سيبيع مثلا 100 كيلو من نوع من التمور، يملك منه مثلا ألف كيلو، فيكون في ذمته 100 كيلو، يأخذها من جملة التمر الذي عنده.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (3/ 163): "البيع بالصفة (نوعان: أحدهما بيع عين معينة، سواء كانت العين المعينة غائبة مثل أن يقول: بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته) التي تضبط (أو) كانت العين المبيعة بالصفة (حاضرة مستورة، كجارية منتقبة، وأمتعة في ظروفها، أو نحو ذلك فهذا) النوع (يجوز التفريق) من متبايعيه (قبل قبض الثمن، وقبل قبض المبيع كحاضر) بالمجلس.
(و) النوع (الثاني) من نوعي البيع بالصفة (بيع موصوف غير معين، ويصفه بصفة تكفي في السلم، إن صح السلم فيه)، بأن انضبطت صفاته، (مثل أن يقول: بعتك عبدا تركيا، ثم يستقصي صفات السلم فيه؛ فهذا في معنى السلم)، وليس سلما، لحلوله …
(ويشترط في هذا النوع قبض المبيع، أو قبض ثمنه في مجلس العقد) ؛ لأنه في معنى السلم" انتهى.
ثالثا:
يمكن أن يتم الشراء عند التسليم، ويكون ما قبل ذلك وعدا، لكن لا يدفع المشتري شيئا مع هذا الوعد. فإذا جاءك التمر دفعت الثمن.
وأجاز بعض أهل العلم من المعاصرين أن يدفع المشتري مبلغا يسمونه هامش الجدية، بشرط ألا يستفيد منه البائع، بل يكون أمانة عنده؛ لأن استعماله له مع ضمانه إياه يعد سلفا، ويحرم الجمع بين السلف والبيع؛ لما روى الترمذي (1234)، وأبو داود (3504)، والنسائي (4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وصححه الترمذي، والألباني.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب