مسلمة جديدة لها سؤالان:
الأول: إنها تركت زوجها غير المسلم بمجرد دخولها الإسلام، لكن المشكلة أنها تزوجت شخصا آخر مسلما فورًا قبل انتهاء العدة، ثم اكتشفت بعد الزواج أنها حامل من زوجها السابق، فما الحكم؟ وكيف تتصرف بالنسبة لزوجها القديم وزوجهت الجديد؟
السؤال الآخر: زوجها المسلم ألزمها بلبس النقاب، لكنها تقول: إنها ليست مستعدة له حاليًا، ولا تريد ارتداءه، فهل عليها إثم إذا لم ترتديه؟
أسلمت وتزوجت قبل انتهاء عدتها من الأول
السؤال: 399181
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
نهنئ الأخت المسلمة على إسلامها، ونسأل الله تعالى أن يثبتها، وأن ويزيدها إيمانا وهُدى وتقى.
وكان ينبغي أن تسأل عن الأحكام الشرعية المترتبة على إسلامها، وبقاء زوجها كافرا ، ولكن نرجو أن يكون عدم علمها بتلك الأحكام عذرا لها عند الله تعالى، فيرفع عنها الإثم والمؤاخذة .
ثانيا:
إذا أسلمت المرأة وبقي زوجها كافرا، فإنها تحرم عليه، لكن تتوقف البينونة بينهما على انقضاء عدتها من حين إسلامها، فإن أسلم الزوج في العدة، فالنكاح باقٍ، وإن انتهت العدة قبل إسلامه ملكت المرأة أمر نفسها، فلها أن تتزوج بمن شاءت.
قال ابن قدامة رحمه الله:
“إذَا كَانَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَفِيهِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا ، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ، وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ . وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ ، وَاللَّيْثِ ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَإِسْحَاقَ .
وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ” .
… ثم ذكر أدلة ذلك :
“رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : كَانَ بَيْنَ إسْلَامِ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ وَامْرَأَتِهِ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ ، أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَبَقِيَ صَفْوَانُ حَتَّى شَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ ، ثُمَّ أَسْلَمَ ، فَلَمْ يُفَرِّقْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَشُهْرَةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِ . وَقَالَ ابْن شِهَابٍ : أَسْلَمَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ حَتَّى أَتَى الْيَمَنَ ، فَارْتَحَلَتْ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْيُمْنَ ، فَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ ، فَأَسْلَمَ ، وَقَدِمَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا .
وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ : كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ ، وَالْمَرْأَةُ قَبْلَ الرَّجُلِ ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ ، فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا .
وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَرَجَ فَأَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ، قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ، وَلَمْ تُسْلِمْ هِنْدُ امْرَأَتُهُ حَتَّى فَتَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ، فَثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ . وَأَسْلَمَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَبْلَ امْرَأَتِهِ .
وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَلَقِيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ بِالْأَبْوَاءِ، فَأَسْلَمَا قَبْلَ نِسَائِهِمَا ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَتَّفِقَ إسْلَامُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً” انتهى من”المغني” (10/8- 10).
فإذا لم تكن حاملا، أو لم يكن تبين حملها ؛ فإن عدتها ثلاث حيضات، إن كانت ممن تحيض من النساء، أو ثلاثة أشهر، إن لم تكن ممن تحيض.
وإن كانت حاملا، أو تبين حملها أثناء عدتها؛ فإنها تكمل العدة حتى تضع حملها، لقول الله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(179098)، ورقم: (21690).
ثالثا:
إذا تزوجت المرأة قبل انقضاء عدتها ، فهذا النكاح باطل ، ويجب عليها مفارقة الثاني فورا ، لأنه ليس زوجا لها ، وتكمل عدتها من الأول ، ثم تعتد من الثاني ، ثم تتزوج بمن شاءت .
قال ابن قدامة رحمه الله : “المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها ، إجماعاً ، أيَّ عدة كانت ; لقول الله تعالى : (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) ..
وإن تزوجت ، فالنكاح باطل ” انتهى من “المغني” (11/237).
وقال أيضا: “إذا ثبت هذا، فعليه فراقها، فإن لم يفعل، وجب التفريق بينهما، فإن فارقها أو فُرِّق بينهما، وجب عليها أن تكمل عدة الأول؛ لأن حقه أسبق, وعدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح، فإذا أكملت عدة الأول، وجب عليها أن تعتد من الثاني، ولا تتداخل العدتان; لأنهما من رجلين. وهذا مذهب الشافعي…” .
ثم ذكر هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ثم قال: “وهذان قولا سيدين من الخلفاء، لم يعرف لهما في الصحابة مخالف، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين , فلم يتداخلا” انتهى من “المغني” (11/239).
وإذا كان الثاني هو الذي سيتزوجها فإنه لا يلزمها أن تعتد منه بعد إكمالها عدة الأول.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“ومن حيث القواعد : الراجح : أنها تحل له بعقد بعد انقضاء عدة الأول، لا سيما إذا تاب إلى الله عز وجل وأناب؛ لأن العدة له” انتهى من “الشرح الممتع” (13/383).
وينظر جواب السؤال رقم: (179098)، (114722).
ثالثا:
يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب عنها ، وقد سبق بيان أدلة ذلك من الكتاب والسنة في عدة أسئلة ، ينظر السؤال رقم: (11774) .
وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم: (267444).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة