تنزيل
0 / 0
2,86715/05/2023

كيف توزع خسائر الشركة على الشركاء؟

السؤال: 409115

اشتركت مع شخص في فتح مطعم من أكثر من سنة، النقود مني ومن صديقي، ومن الشخص العمل، وفي هذه الفترة صار هناك خسارة كبيرة في المطعم، والآن الحمد لله الوضع يتحسن، وربما يصير هناك أرباح، ونحن نجري الحسابات شهريا.
ففي حال حصول الأرباح هل تسد الخسارة القديمة أولا، ثم بعد ذلك نتقاسم الأرباح، وهذا قد يحتاج إلى فترة طويلة، وشريكنا لا يرضى بهذا، أم أن الخسارة نتحملها أنا وصديقي، والأرباح الجديدة نقتسمها أولا بأول؟
يعني هل الربح والخسارة يحسب بشكل تراكمي على طول فترة العمل؟ وشريكنا العامل الآن يطلب أن تكون له أجرة بدل الشراكة، فهل يجوز هذا؟ وكيف يتم تحمل الخسارة في الفترة الماضية في هذه الحال؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا حرج أن يشترك اثنان بمال منهما ، والعمل من أحدهما ، وهذه الشركة عند العلماء تسمى بـ “شركة العنان” أو “المضاربة”.

قال المرداوي رحمه الله:

“شركة العنان أن يشترك اثنان بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما، بلا نزاع” .

فإن كان العمل من أحدهما، قال: “هي شركة عنان على الصحيح من المذهب. وقيل: مضاربة” انتهى من “الإنصاف” (14/11).

ثانيا:

لا توزع أرباح الشركة إلا بعد استيفاء رأس المال، لأنه لا ربح إلا بعد الحصول على رأس المال كاملا.

وإذا خسرت الشركة في عام، ثم ربحت في العالم التالي: فإن هذا الربح يجبر الخسارة السابقة، ولا يقسم على الشركاء .

قال ابن قدامة رحمه الله :

“قال: (وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال).

يعني أنه لا يستحق أخذ شيء من الربح حتى يسلم رأس المال إلى ربه ، ومتى كان في المال خسران وربح ، جبرت الوضيعة من الربح ، سواء كان الخسران والربح في مرة واحدة ، أو الخسران في صفقة والربح في أخرى ، أو أحدهما في سفرة والآخر في أخرى ؛ لأن معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال ، وما لم يفضل فليس بربح . ولا نعلم في هذا خلافا ” انتهى من “المغني” (7/165).

ثالثا :

توزيع الخسائر في الشركة يكون بحسب نسبة رأس مال كل شريك بإجماع العلماء ، ولا يجوز اتفاق الشركاء على غير ذلك .

قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (5/22): ” (والوضيعة على قدر المال) يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا . لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم . وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما” انتهى .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (44/6): “اتفق الفقهاء على أن الخسارة في الشركات عامة تكون على الشركاء جميعا، بحسب رأس مال كل فيها، ولا يجوز اشتراط غير ذلك، قال ابن عابدين: ولا خلاف أن اشتراط الوضيعة بخلاف قدر رأس المال باطل” انتهى.

رابعا:

 من القواعد المتفق عليها بين العلماء أن حقوق العباد تقبل المسامحة، والإسقاط.

قال العز ابن عبد السلام رحمه الله:

” وأمّا الأمْوالُ فَحَقُّ اللَّهِ – تَعالى – فِيها تابِعٌ لِحُقُوقِ العِبادِ؛ بِدَلِيلِ أنَّها تُباحُ بِإباحَتِهِمْ ويُتَصَرَّفُ فِيها بِإذْنِهِمْ” انتهى من “قواعد الأحكام” (2/78).

وقال القرافي رحمه الله:

“القاعدة: أن حقوق العباد إنما تسقط بإذن العباد” انتهى من “الفروق” (3/330).

فإذا اتفق الشركاء على تصفية الحسابات القديمة وتحميل الخسائر على كل شريك حسب نسبة رأس ماله ، ثم تقسيم الأرباح الناتجة بعد ذلك فلا حرج في هذا، لأن الحق هنا لا يعدو الشركاء ، فإذا اتفقوا على شيء بينهم بالتراضي فلا مانع منه.

وبناء على هذا ، فلا حرج من تصفية الخسائر القديمة للشركة ، وتحميلها على الشريكين حسب نسبة رأس مال كل شريك ، ورضي من يتحملون الخسارة بذلك، ثم اقتسام الأرباح الجديدة .

وإذا لم يرض أصحاب المال بتحمل الخسائر القديمة، واستئناف توزيع الأرباح، فالحق لهم، وليس لباقي الشركاء، أو العمال إلزامهم بذلك. ومن حقهم استبدال العمال، أو المديرين، بغيرهم، والاحتفاظ بملكية الشركة لأنفسهم، وتعويض خسارتهم بما يأتيهم من الأرباح بعد ذلك.

خامسا:

لا يجوز بإجماع العلماء أن يتقاضى الشريك أجرا ثابتا من الشركة، وإنما يكون حقه في نسبة من أرباح الشركة، كالنصف أو الثلث، ونحو ذلك.

قال ابن قدامة في “المغني” (7/146):

” مَتَى جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً , أَوْ جَعَلَ مَعَ نَصِيبِهِ دَرَاهِمَ , مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ

لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشْرَةَ دَرَاهِمَ , بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ كُلُّ مِنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ الْقِرَاضِ (يعني المضاربة) إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا لِنَفْسِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً . وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . . .

وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحّ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا , أَنَّهُ إذَا شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً , احْتَمَلَ أَنْ لا يَرْبَحَ غَيْرَهَا

, فَيَحْصُلَ عَلَى جَمِيعِ الرِّبْحِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لا يَرْبَحَهَا، فَيَأْخُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جُزْءًا، وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا، فَيَسْتَضِرُّ مَنْ شُرِطَتْ لَهُ الدَّرَاهِمُ . وَالثَّانِي، أَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً بِالأَجْزَاءِ، لَمَّا تَعَذَّرَ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالْقَدْرِ، فَإِذَا جُهِلَتْ الأَجْزَاءُ، فَسَدَتْ ” انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

” لَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً فَإِنَّ هَذَا لا يَجُوزُ بِالاتِّفَاقِ ; لأَنَّ الْمُعَامَلَةَ

مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ ، وَهَذِهِ الْمُعَامَلاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ؛ وَالْمُشَارَكَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ، فَإِذَا جُعِلَ لأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَدْلا؛ بَلْ كَانَ ظُلْمًا ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (28/83).

وانظر جواب السؤال رقم: (122622).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android