تنزيل
0 / 0
92714/09/2022

متى يجوز للمسلم أن ينتقل من فتوى إلى أخرى؟

السؤال: 409773

كنت أعمل بقول إنه يلزم غسل ما يلمس نجاسة الكلب سبع مرات إحداهم بالتراب، أثناء ذلك أصابتني نجاسة الكلب علي جسمي، ولكن قبل غسلها سمعت فتوى من علماء أثق فهم: أن الغسل سبع مرات للإناء فقط ، وأن غير الإناء يكفي الغسل مرة واحدة بالماء، أو حتي زوال النجاسة، فعملت بهذا القول، واغتسلت، فهل الانتقال من مذهب لمذهب بهذه الصورة فيه شيء، وموضع مر عليه فترة طويلة، فهل صلواتي صحيحة؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الجواب:

أولا:

انتقال المسلم من فتوى لأخرى محرم إذا كان ذلك طلبا لرخص المذاهب والأقوال، واتباعا لهوى النفس، وليس اتباعا للأدلة الشرعية، أو اتباعا للعالم الأوثق، أو لسبب يبيح ذلك.

نقل ابن القيم رحمه الله عن أبي عمرو بن الصلاح أنه قال:

“ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم : تزندق ؛ أو كاد” انتهى من ” إغاثة اللهفان” (1/228).

وقال الشاطبي رحمه الله في “الموافقات” (4/145):

“وليس تتبع الرخص، ولا اختيار الأقوال بالتشهي: بثابت من أصول الشريعة …” .

ثم قال: ” تتبع الرخص ميل مع أهواء النفوس ، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى ، فهذا مضاد لذلك الأصل المتفق عليه ، ومضاد أيضا لقوله تعالى : (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)” انتهى.

وسئل الشيخ ابن باز:

إذا كنتُ على أحد المذاهب، كالمذهب الحنبلي مثلًا، هل علي أن آخذ بالرخص في المذاهب الأخرى؟

فأجاب:

“عليك أن تأخذ بالدليل، لا بالرخص، قال بعض السلف: من تتبع الرخص؛ تزندق، كل مذهب يكون فيه بعض الأغلاط، بعض الأخطاء من بعض أتباعه، أو من الإمام الذي هو منسوب إليه أنه غلط في بعض الروايات، وأنه خفي عليه بعض الأحاديث، فطالب العلم لا يتتبع الرخص.

وإذا كان في المسألة خلاف، ما هي بمسألة إجماع، فهناك وسائل بين أهل العلم، فطالب العلم يتحرى الدليل، وينظر في أقرب القولين، أو الأقوى للدليل، فيأخذ بما قام عليه الدليل، لا يتتبع الرخص” انتهى .

https://binbaz.org.sa/fatwas/2138/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AA%D8%AA%D8%A8%D8%B9-%D8%B1%D8%AE%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%87%D8%A7%D8%A1

ثانيا:

أما الحالات التي يجوز فيها أن ينتقل المسلم من فتوى إلى أخرى، فلها صور:

الأولى : إذا عمل بفتوى عالم ثم تبين له أن السنة خلاف ذلك، فيجب عليه الانتقال إلى العمل بالسنة بإجماع المسلمين.

قال الإمام الشافعي رحمه الله : “أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس”  انتهى من “أعلام الموقعين” (2/282).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “إن كان انتقاله من مذهب إلى مذهب لأمر ديني ، مثل أن يتبين رجحان قول على قول ، فيرجع إلى القول الذي يرى أنه أقرب إلى الله ورسوله : فهو مثاب على ذلك ، بل واجب على كل أحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر ألا يعدل عنه ، ولا يتبع أحداً في مخالفة الله ورسوله ؛ فإن الله فرض طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم على كل أحد في كل حال” انتهى من “مجموع الفتاوى” (20/223).

الثانية : أن يسأل من هو أعلم وأوثق عنده من العالم الأول ، فيعمل بفتوى الثاني .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

“وأما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على قول ، إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها ويفهمها ، وإما بأن يرى أحد رجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر ، وهو أتقى لله فيما يقوله ، فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا ، فهذا يجوز بل يجب ، وقد نص الإمام أحمد على ذلك‏ ” انتهى من  “مجموع الفتاوى” (20/220).

الثالثة : أن يكون ذلك لعذر ، بأن تلحقه مشقة شديدة إذا عمل بالقول الآخر.

قال ابن السبكي رحمه الله: “يجوز التقليد للجاهل، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء، بعض الأوقات؛ عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال: الاختلاف رحمة، إذ الرخص رحمة” انتهى من “الإبهاج في شرح المنهاج” (3/19).

ثالثا :

أما بالنسبة لحكم المسألة؛ فإن نجاسة الكلب تغسل سبع مرات، لا فرق في ذلك بين ما كان في الإناء أو الثياب أو البدن.

 قال النووي رحمه الله في “شرح صحيح مسلم” :

“وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدنَا بَيْن وُلُوغ الْكَلْب وَغَيْره مِنْ أَجْزَائِهِ ، فَإِذَا أَصَابَ بَوْله أَوْ رَوْثه أَوْ دَمه أَوْ عَرَقه أَوْ شَعْره أَوْ لُعَابه أَوْ عُضْو مِنْ أَعْضَائِهِ شَيْئًا طَاهِرًا، فِي حَال رُطُوبَة أَحَدهمَا وَجَبَ غَسْله سَبْع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ” انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

“إذا كانت النجاسة على غير الأرض وهي نجاسة كلب ، فإنه لابد من تطهيرها من سبع غسلات إحدها بالتراب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب )” انتهى من “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين” (11/245).

وقال أيضا (11/246):

“وأما مس هذا الكلب: فإن كان مسه بدون رطوبة فإنه لا ينجس اليد، وإن كان مسه برطوبة فإن هذا يوجب تنجيس اليد على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرات، إحداها بالتراب” انتهى.

وينظر جواب السؤال رقم: (13356).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android