رأيت فيديو يفيد بأن إبليس كان يحب سيدنا موسى عليه السلام؛ لأنه شفع له عند الله عز وجل، فهل هذا صحيح؟
هل يصح خبر شفاعة موسى عليه السلام لإبليس، ونصح إبليس له؟
السؤال: 410765
ملخص الجواب
خبر شفاعة موسى عليه السلام لإبليس، ونصح إبليس له، إسناد هذا الخبر ضعيف لا يصح. وانظر تفصيل ذلك في الجواب المطول
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الخبر ورد في "مكائد الشيطان" (44) لابن أبي الدنيا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
" لَمَّا رَكِبَ نُوحٌ السَّفِينَةَ رَأَى فِيهَا شَيْخًا لَمْ يَعْرِفْهُ، قَالَ لَهُ نُوحٌ: مَا أَدْخَلَكَ؟ قَالَ: دَخَلْتُ لأُصِيبَ قُلُوبَ أَصْحَابِكَ فَتَكُونَ قُلُوبُهُمْ مَعِي، وَأَبْدَانُهُمْ مَعَكَ.
قَالَ نُوحٌ: اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ.
فَقَالَ: خَمْسٌ أُهْلِكُ بِهِنَّ النَّاسَ، وَسَأُحَدِّثُكَ مِنْهُنَّ بِثَلاثٍ، وَلا أُحَدِّثُكَ بِاثْنَتَيْنِ، فَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ لا حَاجَةَ بِكَ إِلَى الثَّلاثِ، مُرْهُ يُحَدِّثُكَ بِالاثْنَتَيْنِ، فَإِنَّ بِهِمَا أَهْلَكَ النَّاسَ فَقَالَ هُمَا: الْحَسَدُ، وَبِالْحَسَدِ لُعِنْتُ، وَجُعِلْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَالْحِرْصُ أَبَاحَ لآدَمَ الْجَنَّةَ كُلَّهَا فَأَصَبْتُ حَاجَتِي مِنْهُ بِالْحِرْصِ.
قَالَ: وَلَقِيَ إِبْلِيسُ مُوسَى فَقَالَ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا، وَأَنَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَذْنَبْتُ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتُوبَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ، فَدَعَا مُوسَى رَبَّهُ.
فَقِيلَ يَا مُوسَى قَدْ قَضَيْتُ حَاجَتَكَ، فَلَقِيَ مُوسَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَسْجُدَ لِقَبْرِ آدَمَ وَيُتَابَ عَلَيْكَ، فَاسْتَكْبَرَ وَغَضِبَ، وَقَالَ: لَمْ أَسْجُدْ لَهُ حَيًّا، أَأَسْجُدُ لَهُ مَيِّتًا؟ ثُمَّ قَالَ إِبْلِيسُ: يَا مُوسَى إِنَّ لَكَ عَلَيَّ حَقًّا بِمَا شَفَعْتَ لِي رَبَّكَ، فَاذْكُرْنِي عِنْدَ ثَلاثٍ وَلا هَلاكَ إِلا فِيهِنَّ:
اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ فَإِنَّ وَحْيِي فِي قَلْبِكَ، وَعَيْنِي فِي عَيْنِكَ، وَأَجْرِي مِنْكَ مَجْرَى الدَّمِ.
اذْكُرْنِي حِينَ تَلْقَى الزَّحْفَ فَإِنِّي آتِي ابْنَ آدَمَ حِينَ يَلْقَى الزَّحْفَ، فَأُذَكِّرُهُ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَهْلَهُ حَتَّى يُوَلِّيَ.
وَإِيَّاكَ أَنْ تُجَالِسَ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ، فَإِنِّي رَسُولُهَا إِلَيْكَ وَرَسُولُكَ إِلَيْهَا".
ومن طريقه رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (61/127)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 29).
وفي سنده عمرو بن دينار، وهو ضعيف، نص على تضعيفه جمع من أئمة الحديث.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" عمرو بن دينار، قهرمان آل الزبير، بصري، يروي عن سالم بن عبد الله: ضعّفوه " انتهى من "المغني" (2/484).
قال ابن حبان رحمه الله تعالى:
" عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير…
كان ممن ينفرد بالموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب" انتهى من "المجروحين" (2/71).
وجعفر بن سليمان وإن وثّق ففيه كلام، قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" جعفر بن سليمان الضبعي صدوق صالح، ثقة مشهور، ضعّفه يحيى القطان وغيره، فيه تشيع، وله ما ينكر وكان لا يكتب " انتهى من "المغني" (1/32).
ومثله تلميذه محمد بن موسى، لخّص حاله الحافظ ابن حجر، بقوله:
" ليّن " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص509).
فالحاصل أن إسناد الخبر ضعيف لا يصح.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب