هل يحوز مناداة من هو غير المسلم بأنه كافر، أي مثلا، عندما أتكلم عن شخص أذكر أنه كافر، مع إنه يعترف بنفسه أنه مسيحي، أو ملحد أو غير هذا؛ لأنني سمعت أنه لا يجوز لغير العلماء بنعتهم أنهم كفار؟
ما حكم مناداة غير المسلم أو الملحد ب: يا كافر .
السؤال: 411039
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كل من دان بغير الإسلام فهو كافر، وكذا من أتى الكفر الأكبر الذي لا يخفى أمره، كمن يعلن الردة، أو أنه ملحد.
لكن ليس من الحكمة مناداة الكافر بقولك: يا كافر، فهذا مما ينفره من الدين ويحمله على العناد غالبا، ولهذا لم يرد في السنة مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الكفار بذلك. ولا هو مما جرى عليه أمر الناس؛ وإنما ذلك يكون في مقام الإخبار عنه وبيان حكمه، والاعتقاد لحاله.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " من كان ينطبق عليه حكم الكفر، هل يجوز مناداته بالكفر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأولى أن لا ينادى بالكفر؛ لأن هذا يوجب الفتنة والشر، لكن يقال: أنت إذا لم تتب إلى الله فإنك كافر، يبين له هذا الكلام، وأما مناداته بـ(يا كافر)، وما أشبه ذلك مما يثير الفتنة؛ فهذا لا أراه. والحمد لله مادمنا في غنىً عن هذا الأمر، وبإمكاننا أن نمسكه ونقول له: إن هذا الأمر كفر وارجع إلى ربك وارجع إلى دينك وننصحه" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/2).
وأما الإخبار بأن فلانا كافر، فهذا لا حرج فيه؛ لا سيما إن كان لحاجة، كما لو أراد أن يأكل إنسان من ذبيحة الملحد، فيبين له كفره، وأنه لا تحل ذبيحته.
وأما المسلم إذا وقع في أمر من دقيق الكفر، ومما يخفى حكمه، أو يشتبه، أو يحتمل أن يكون عن تأويل أو تقليد، فهذا لا يكفر إلا بعد قيام الحجة، وليس لأحد نعته بالكفر قبل ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تُقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 466).
وقال رحمه الله: "وحقيقة الأمر في ذلك: أن القول قد يكون كفرا؛ فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 345).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا قلنا: هذا كفر؛ فلا نحكم على كل فاعل أن يكون كافراً ؛ لأنه قد يكون معذوراً ، أو يشتبه عليه الحق ، أو يكون مضطراً ارتكب هذا للضرورة ، فنصبر حتى نتبين حال هذا المرء ، فإذا تبين حاله وأن الرجل عنده علم ، ولكنه تجرأ على ما يصل به إلى الكفر ؛ كفَّرناه " انتهى من " لقاء الباب المفتوح" (6/37).
والتكفير في مثل هذه المواطن: مرجعه إلى العلماء؛ إذ قد لا يكون القول كفرا، أو يكون كذلك، لكن صاحبه معذور.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب