عندنا في الجزائر منصة لبيع المنتجات المتنوعة تسمى Jumia، شبيهة بمنصة Amazon يشترك فيها الشخص بصفته بائع، ويعرض منتجاته فيها، والمنصة تتكفل بجملة من الخدمات؛ كالتخزين، والتوصيل، ومراقبة الجودة، وغيرها، عند اشتراك شخص في المنصة يوافق على جملة من الشروط، والذي يعنينا هنا البنود الخاصة بالعقوبات، إذ ينص قانونهم الحالي على أن المنصة لها الحق أن تفرض عقوبات تتباين من الإنذار الكتابي إلى الغرامة المالية والطرد، إذا انتهك البائع إحدى المعايير التالية: – أن لا تكون السلعة ممنوعة في ذاتها كالمخدرات وغيرها. – أن لا تكون السلعة مستعملة أو معطلة، أو قد فُقد منها شيء، أو مخالِفة لما عُرض على صفحة البائع. – أن لا تكون السلعة مقلدة، أي تنتحل اسم علامة أخرى موثقة. – أن لا يتأخر البائع أكثر من 48 ساعة لتموين المخزن بعد استقباله للطلبات. – أن لا يُكثر البائع إلغاء الطلبيات دون عذر. فما حكم الاشتراك في هذه المنصة، علما أن قيمة الغرامات وماهيتها محددة مسبقا ومعلومة للبائع؟
حكم اشتراك الباعة في منصة جوميا Jumia مع كونها تفرض غرامة مالية على الإخلال بالشروط
السؤال: 411852
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج في الاشتراك في منصة جوميا، مع الالتزام بالشروط، وتجنب وقوع الغرامة المالية.
والغرامة المالية هنا ليست ربا؛ لخلو المعاملة من الدين، ولكنها من باب التعزيز والعقوبة، والتعزير بالمال ممنوع عند جمهور العلماء، وأجازه بعضهم، ولكن التعزير إنما يكون للأمير والقاضي، وليس لعامة الناس، إلا أن تكون الدولة قد أقرت هذا النظام.
قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله عن معاقبة الموظف إذا غاب يوما بخصم يومين من راتبه: " وبعضهم يقول: إن هذا جائز ولا بأس به؛ وهو من باب التعزير بالمال.
فنقول: التعزير يكون في مسائل خاصة، أما التعزير بالمال ففيه شبهة، وجمهور العلماء على تحريم التعزير بالأموال؛ لأن النصوص واضحة: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم)، وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ [البقرة:188]، فكلهم يحرمون العقوبة بالمال.
لكن على القول بجوازها: إنما ذلك لولي الأمر، والتعزير مسلك قضائي تشريعي خاص، ولا يتوسع فيه على مستوى الأفراد" انتهى من "شرح زاد المستقنع".
وإذا كان التعزير باطلا، كان من أكل المال المحرم، والإنسان مأمور بحفظ ماله.
لكن إذا كان البائع يمكنه تفادي إيقاع الغرامة عليه، بالالتزام بالشروط المذكورة-وهي شروط عادلة- فلا حرج أن يشترك في هذه المنصة لما فيها من النفع له ولغيره.
ويستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في قصة بريرة : خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلاءَ ، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُ الله أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ رواه البخاري (2168)، ومسلم (1504).
فجوّز لها النبي صلى الله عليه وسلم أن توافق على الشرط الباطل الذي لن تلتزم به.
وينظر: جواب السؤال رقم:(175930).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة