كان زوجي مريضا، وقد انتقلنا للجلوس في بيت والديه لفترة؛ لأنه كان في حاجة إلى مكان أوسع بحكم أنه كان طريح الفراش، وبعدها بفترة دخلنا للمستشفى، وجلس هناك أشهرا حتى توفاه الله تعالى، حين علمت بالوفاة فجرا خرجت، وذهبت إليه في المستشفى، الآن أنا في منزل والديه في العدة. سؤالي: هل ذهابي إليه للمستشفى فجرا علما أنني علمت بالخبر قبل الخروج حرام؟ وهل مكوثي في بيت والديه لقضاء العدة حرام؟ علما أني جلست الفترة الأخيرة قبل دخوله المستشفى هنا فترة صغيرة، وعلما أن بيت الزوجية سأكون فيه وحدي؛ لأن أمي وأبي لم يأتوا من السفر؟
هل تعتد في بيت حماها الذي أقام فيه زوجها للتمريض قبل وفاته؟
السؤال: 413686
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يلزم المرأة أن تعتد في البيت الذي كانت تسكن فيه عند موت زوجها؛ لما روى أصحاب السنن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفريعة بنت مالك رضي الله عنها: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ).
رواه أبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (200) وابن ماجه (2031) والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه".
ولا عبرة بكونك أقمت مدة في بيت والديه، فإن هذه إقامة عابرة، وإنما تعتدين في بيتك الذي كنت تسكنينه، إذا كان المكان آمنا.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وممن أوجب على المتوفى عنها زوجُها الاعتداد في منزلها: عمر وعثمان رضي الله عنهما، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة، وبه يقول: مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ".
ثم قال: " فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك، أو حوّلها صاحب المنزل لكونه عاريَّة رجع فيها، أو بإجارة انقضت مدتها، أو منعها السُّكنى تعدّيا، أو امتنع من إجارته، أو طلب به أكثر من أجرة المثل، أو لم تجد ما تكتري به، [أي لم تجد أجرة البيت]، أو لم تجد إلا من مالها، فلها أن تنتقل؛ لأنها حال عذر، ولا يلزمها بذلك أجر المسكن، وإنما الواجب عليها فعل السكنى، لا تحصيل المسكن، وإذا تعذرت السكنى، سقطت، ولها أن تسكن حيث شاءت ". انتهى من "المغني" (8/ 127).
فإذا كان المكان آمنا، ولكن لا يأتيك فيه أحد، واستوحشت، جاز لك الانتقال إلى بيت والد زوجك.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وإنما المطلوب منها خمسة أمور:
الأمر الأول: أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي ساكناً فيه، إذا كان صالحاً للبقاء فيه تبقى فيه حتى تكمل العدة.
أما إن كان خارباً، أو أهله طلبوه لأنه مستأجر، طلبه أهله، تمت المدة، أو ما عندها أحد يؤنسها، تستوحش، فلا بأس أن تنتقل، إذا لم يتيسر لها من يؤنسها" انتهى من فتاوى نور على الدرب.
ثانيا:
يجوز للمعتدة أن تخرج من بيتها نهارا لحاجة، وليلا لضرورة.
والظاهر أن ذهابك للمستشفى لرؤية زوجك يدخل في الحاجة التي تبيح الخروج، فنرجو ألا يكون عليك حرج فيما فعلت.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/130):
" وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا , سواء كانت مطلقة، أو متوفى عنها. لما روى جابر قال: (طُلقت خالتي ثلاثا , فخرجت تجدّ نخلها , فلقيها رجل , فنهاها , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : اخرجي , فجدّي نخلك , لعلك أن تصدّقي منه , أو تفعلي خيرا). رواه النسائي , وأبو داود.
وروى مجاهد , قال: استشهد رجال يوم أحد، فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ نستوحش بالليل , أفنبيت عند إحدانا , فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن , حتى إذا أردتن النوم , فلتؤب كل واحدة إلى بيتها.
وليس لها المبيت في غير بيتها , ولا الخروج ليلا , إلا لضرورة ; لأن الليل مظنة الفساد , بخلاف النهار , فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش , وشراء ما يحتاج إليه " انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب