لماذا ردّ عثمان رضي الله عنه مال الزكاة عندما أرسلها عليّ رضي الله عنه له، فعندما اشتكى الناس إلى عليّ من عثمان رضي الله عنه، كان لهم مشكلة مع عثمان، ولكن عندما أرسل عليّ مال زكاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث ردّها عثمان إليه؟
هل رد عثمان مال الزكاة التي أرسلها له عليّ؟
السؤال: 414800
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى البخاري (3111) عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: ” لَوْ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاكِرًا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: أَغْنِهَا عَنَّا، فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا”.
فالذي ردّه عثمان ليس هو مال الزكاة، وإنما ردّ كتاب الصدقات الذي أرسله إليه علي رضي الله عنه ليكون عمله على وفقه، كما تبيّنه الراوية الثانية.
حيث روى البخاري (3112) عَنْ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: ” أَرْسَلَنِي أَبِي، خُذْ هَذَا الكِتَابَ، فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ “.
والظاهر أن عثمان رضي الله عنه إنما ردّه لما كان له من علم بباب الصدقات، فلم ير أنه في حاجة إلى هذا الكتاب، أو لغير ذلك من الاحتمالات الحسنة التي ذكرها أهل العلم، خاصة وأن عليا رضي الله عنه لما رد إليه الكتاب لم ينكر على عثمان رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” قوله: ( فقال لي علي: اذهب إلى عثمان فأخبره أنها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم )، أي أن الصحيفة التي أرسل بها إلى عثمان مكتوب فيها بيان مصارف الصدقات، وقد بيّن في الرواية الثانية أنه قال له: (خذ هذا الكتاب فإن فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة )، وفي رواية ابن أبي شيبة: ( خذ كتاب السعاة فاذهب به إلى عثمان ).
قوله: ( أغنها ) أي اصرفها… وفي رواية بن أبي شيبة: ( لا حاجة لنا فيه )، وقيل: كان علم ذلك عند عثمان، فاستغنى عن النظر في الصحيفة.
وقال الحميدي: في “الجمع”: قال بعض الرواة عن ابن عيينة: لم يجد علي بدا حين كان عنده علم منه، أن يُنْهيه إليه. ونرى أن عثمان إنما ردّه، لأن عنده علما من ذلك؛ فاستغنى عنه.
ويستفاد من الحديث: بذل النصيحة للأمراء، وكشف أحوال من يقع منه الفساد من أتباعهم، وللإمام التنقيب عن ذلك.
ويحتمل: أن يكون عثمان لم يثبت عنده ما طُعِن به على سُعاته، أو ثبت عنده، وكان التدبير يقتضي تأخير الإنكار، أو كان الذي أنكره من المستحبات لا من الواجبات؛ ولذلك عذره علي، ولم يذكره بسوء ” انتهى من “فتح الباري” (6/215).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب