0 / 0
16,27716/03/2023

ما حكم تمني الإنسان أن يرزق بالذكور من الأولاد دون الإناث؟

السؤال: 422209

أنا متزوجة، ومن الله تعالى علي بطفل، دائما ما أقول: إنني لا أريد إنجاب البنات، وأتمنى أن يرزقني الله تعالى بالذكور، عندما تقول لي إحداهن: إنها تتمنى أن يرزقني الله تعالى ببنت، أقول لا تتمني لي هذا، أريد أولادا ذكورا، قيل لي: إن قولي هذا حرام، وإن الله تعالى سيعاقبني بما أقول، كأن يرزقني ببنت مريضة، فما حكم قولي هذا؟ وهل يمكن أن يعاقبني الله تعالى على ما مضى من أقوالي؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

الأولاد ذكورًا وإناثا نعمة من نعم الله تعالى يهبهما لمن يشاء.

قال الله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى/49-50.

والنعم يجوز التخيّر فيها إذا كان التمني بقصد مباح، فلا يعلم نص يحرّم على الإنسان تمني الرزق بالولد الذكر دون الأنثى.

كمن يرغب في الولد ليعينه في السعي لطلب الرزق كحال أهل الزراعة، ونحو هذا من المقاصد المباحة.

لكن التوكل على الله تعالى، والرضا بما يقدره: أولى وأحسن، فالأفضل أن يصرف المسلم همّته إلى الرغبة في الولد الصالح ذكرا كان أم أنثى، كما هي صفة عباد الرحمن، حيث جاء في وصفهم، قوله تعالى:

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان/74.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ( قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) أي: تقر بهم أعيننا، وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم، عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم، أنهم لا تقر أعينهم حتى يروهم مطيعين لربهم، عالمين عاملين " انتهى من "تفسير السعدي" (ص587).

وإن كان تمني للولد الذكر لمصلحة شرعية كان ذلك مستحبا ، كما لو تمنى الولد الذكر ليكون عالما يرشد الناس ، أو مجاهدا في سبيل الله ونحو ذلك من المصالح الشرعية ، التي تتحقق بالولد الذكر ولا تتحقق بالبنت ، وقد طاف سليمان عليه السلام على نسائه في ليلة ، لتلد كل امرأة غلاما يجاهد في سبيل الله . رواه البخاري (5242)، ومسلم (1654).

وهذا إذا لم يكره أن يرزق بالبنات ، فإن وصل الأمر إلى كراهة ذلك ، فهو مذموم، وفيه شبه بحال أهل الجاهلية ، لأن البنت هبة ونعمة من الله تعالى، فلا يزدري العبد نعمة الله تعالى عليه ، والعبد لا يعلم مكمن الخير، فكم من بنت كانت مباركة في أهلها، وكم من ابن جلب الشقاء لوالديه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" قال الله تعالى: ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) … أخبر سبحانه أن ما قدَّره بين الزوجين من الولد، فقد وهبهما إياه، وكفى بالعبد تعرُّضا لمقته: أن يتسخط ما وهبه.

وبدأ سبحانه بذكر الإناث…

والمقصود: أن التسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الذين ذمهم الله تعالى في قوله: ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ).

وقال تعالى: ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )…

وقد قال تعالى في حق النساء: ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ).

وهكذا البنات أيضا؛ قد يكون للعبد فيهن خير في الدنيا والآخرة، ويكفي في قبح كراهتهن أن يكره ما رضيه الله وأعطاه عبده.

وقال صالح بن أحمد: كان أبي إذا ولد له ابنة، يقول: الأنبياء كانوا آباء بنات…

وقال يعقوب بن بختان: ولد لي سبع بنات، فكنت كلما ولد لي ابنة دخلت على أحمد بن حنبل، فيقول لي: يا أبا يوسف! الأنبياء آباء بنات. فكان يُذهب قولُه همي " انتهى. "تحفة المودود" (ص 24 – 31).

وسُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:

" ما حكم الشرع فيمن يكره البنات ويغضب إذا أنجبت له زوجته بنتا؟

الجواب: هذا قد تشبه بأعداء الله الكفرة، كما قال الله جل وعلا: ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) لا يجوز، هذا منكر ، لا يجوز التشبه بأعداء الله، بل يحمد الله ويسأل الله صلاحها وأن الله ينفع بها… المقصود: أن الإنسان لا يكره البنت، بل يحمد الله ويسأل لها الصلاح، ويسأل لها التوفيق، ولا يكره ذلك، كراهة البنت من عمل الجاهلية نسأل الله العافية " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (21/ 439 – 440).

ثانيا:

قول بعض الناس : إن من يرغب في إنجاب الولد الذكر ويكره الأنثى، سيعاقبه الله تعالى ببنت مريضة؛ هذا الكلام لا نعلم دليلا له، ولم يذكر ذلك عقوبة لقائله في الشرع، ولم يعلم صدق ذلك بالتجارب، وهو نوع من التألي على الله ، والقول عليه بغير علم ، سبحانه وجل شانه.

ثالثا:

من  صدرت منه كلمات محرمة، فلا شك أنه يخشى العقوبة عليها، لكن من المعلوم في دين الإسلام أن العقوبة تدفع بالتوبة الصادقة وتحصل: بالندم على هذه الكلمات المحرمة، والعزم على عدم الرجوع إليها، وطلب المغفرة من الله تعالى.

فحسنة التوبة من شأنها أن تمحي السيئة.

عن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) رواه الترمذي (1987) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android