أود السؤال عن صحة حديث: (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ الْمَوْتَ أَنْ أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ)، حسّنه الالباني رحمه الله تعالى، ورأيت من ضعفه، فما الراجح؟
هل يصح حديث: ( إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ الْمَوْتَ أَنِّي أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ )؟
السؤال: 423719
ملخص الجواب
أسانيد هذا الحديث ضعيفة لا يحتج بها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه المروزي في “زوائد الزهد” (1078)، وابن أبي عاصم في “الآحاد والمثاني” (5 / 390)، والطبراني في “المعجم الأوسط” (3 / 284) وغيرهم: عن أَبي مُعَاوِيَةَ الضَّرِير، قَالَ: حدثنا أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ الْمَوْتَ أَنِّي أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ).
وقال الطبراني رحمه الله تعالى:
“لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَمَّادٍ إِلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمِسْعَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو مُعَاوِيَةَ”.
وحماد هو ابن أبي سليمان قد تفرد به عن إبراهيم، وحماد له أوهام .
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
“سمعت أبي يقول – وذكر حماد بن أبي سليمان – فقال: هو صدوق، ولا يحتج بحديثه، هو مستقيم في الفقه، وإذا جاء الآثار شوش” انتهى من “الجرح والتعديل” (3/147).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
“حَمَّاد بن أبي سُليمان: فقيهٌ صدوقٌ له أوهام” انتهى من “تقريب التهذيب” (ص178).
قال محققو “المسند”:
“وهذا إسناد ضعيف؛ فقد تفرد به حماد بن أبي سليمان، وله أوهام، ولا يحسن تفرُّده” انتهى من “المسند” (41/520).
وأبو حنيفة متكلم في ضبطه وحفظه، وبهذا ضعّف الشيخ الألباني هذا الحديث، حيث قال رحمه الله تعالى:
“ضعيف.
أخرجه أبو حنيفة في “مسنده” (137 – الطبعة الأولى) – ومن طريقه الطبراني في “المعجم الكبير” (23/39/98) – عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة … مرفوعا.
وأخرجه أبو يوسف في “الآثار” (210/933) عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم … مرفوعا. لم يجاوز إبراهيم؛ فأعضله.
وأبو حنيفة رحمه الله معروف عند أئمة الحديث بالضعف – كما تقدم بيانه تحت الحديث المتقدم برقم (458)” انتهى من “السلسلة الضعيفة” (13/29).
وقد رواه الإمام أحمد في “المسند” (41/519)، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ إِسْحَاقَ بنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ).
لكن في إسناده مصعب بن إسحاق وهو مجهول.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
” وهذا إسناد ضعيف. رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مصعب هذا، لم يرو عنه غير إسماعيل هذا – وهو ابن أبي خالد -؛ فهو في عداد المجهولين؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/1/305) ولم يسمِّ جده، وقال:
” … القرشي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مرسل. روى عنه إسماعيل بن أبي خالد “.
وذكر ابن حبان نحوه، ولكنه اضطرب في طبقته؛ فمرة أورده في “طبقة التابعين” (5/412) من روايته عن عائشة، ومرة أورده في “أتباع التابعين”، وقال:
“يروي المراسيل” انتهى من “السلسلة الضعيفة” (13/30).
وقد روي عنه مرسلا.
فرواه ابن أبي شيبة في “المصنف” (18/127)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ.
وابن سعد في “الطبقات الكبرى” (8/52)، قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ.
كلاهما: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن أبي خالد، قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَدْ أُرِيتُ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ لِيَهُونَ عَلَيَّ بِذَلِكَ مَوْتِي كَأَنِّي أَرَى كَفَّهَا).
فخالف أبو أسامة ويزيد بن هارون وكيعا حيث أرسلا هذا الخبر.
ثم إن وكيعا مرة كان يصله ومرة يرسله، كما رواه الإمام أحمد في “فضائل الصحابة” (2/ 871)، قال: حدثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ. وَقَالَ وَكِيعٌ مَرَّةَ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ كَفَّيْهَا، لَيُهَوَّنُ بِذَلِكَ عَلَيَّ عِنْدَ مَوْتِي).
فالحاصل: أن إسناد هذه الرواية ضعيف بسبب الإرسال، وبسبب جهالة مصعب بن إسحاق.
ورواه ابن أبي حاتم في “العلل” (6/425)، قال: حدَّثنا كُرْدُوسُ بن أبي عبد الله الواسِطي، عن المُعَلَّى بن عبد الرحمن، عن عبد الحَميد بن جعفر، عَنِ الزُّهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَة – وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عائِشَة – قَالَتْ: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: (إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ المَوْتَ أَنِّي أُرِيتُكِ زَوْجَتِي فِي الجَنَّةِ).
ثم قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
” فسمعت أبي يقول: هذا حديث موضوع بهذا الإسناد، والمعلى متروك الحديث “.
فأسانيد هذا الخبر ضعيفة لا يحتج بها.
وهذا الذي رجّحه الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (13/ 29-30).
لكن ناشر الكتاب قال في هامش (13/29):
” مال الشيخ رحمه الله إلى تقويته أخيرا، انظر “الصحيحة” (2867)، (الناشر)” انتهى.
ولا نعلم مستند الناشر في كون تصحيح الشيخ للحديث كان بعد تضعيفه، فعند الرجوع إلى “السلسة الصحيحة” (6/867)، لا نجد الشيخ يشير إلى رجوعه إلى تصحيحه للحديث بعد تضعيفه، كما هي عادته عند تراجعه عن تصحيح حديث أو تضعيفه.
والظاهر أن التضعيف هو المتأخر؛ لأن الجزء 13 من الضعيفة من أواخر أعماله، وطبع بعد وفاته، وقد توسع في “الضعيفة” في كلامه عن علل أسانيد هذا الخبر مقارنة بكلامه في “الصحيحة”.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب