هل صحيح أن نفخة الفزع هي أول علامات يوم القيامة الذي هو سيكون يوم جمعة؟ وهل تكون النفخة على شرار الخلق قطعاً، أم إن هناك من يأمن من فزعها من الأحياء، كما قال تعالى: (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون)، (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين)، (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون)، ما قصدته هل يمكن أن يكون الإنسان مؤمنا صالحاً ويحضر أول علامات يوم القيامة دون فزع، أم أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق؟
الناس الذين تقوم عليهم الساعة، هل يكون فيهم مؤمنون؟
السؤال: 426897
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الساعة إنما تقوم على شرار الناس، وأن أهل التوحيد تقبض أرواحهم بريح طيبة قبل قيام الساعة.
روى الإمام مسلم (148) عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللهُ، اللهُ ).
وروى أيضا (2940) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ – لَا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا – فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى تَقْبِضَهُ. – قَالَ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ، قَالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ ….
وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (91794).
وأما ما ورد في أمان المؤمنين من الفزع الأكبر كقوله تعالى:
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ الأنبياء/103.
فليس المراد بهذا الفزع عند نهاية الدنيا؛ وإنما هو الفزع عند نفخة البعث وهي النفخة الآخرة؛ لأن هناك نفختين، نفخة الصعق عند نهاية الدنيا؛ ونفخة البعث عند بداية اليوم الآخر.
قال الله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) الزمر/68.
أو الفزع من أهوال الحساب ومواقف القيامة، وهذا الذي يذكره أهل التفسير.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
" وفي الفزع الأكبر أربعة أقوال:
أحدها: أنه النفخة الآخرة، رواه العوفي عن ابن عباس وبهذه النفخة يقوم الناس من قبورهم، ويدل على صحة هذا الوجه قوله تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
والثاني: أنه إطباق النار على أهلها، رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثالث: أنه ذبح الموت بين الجنة والنار، وهو مروي عن ابن عباس أيضا، وبه قال ابن جريج.
والرابع: أنه حين يؤمر بالعبد إلى النار، قاله الحسن البصري" انتهى من "زاد المسير" (5/ 394).
وما أشار إليه ابن الجوزي من ترجيح أنها نفخة البعث، هو الذي اختاره ابن الجرير الطبري رحمه الله تعالى، حيث قال:
"اختلف أهل التأويل في الفزع الأكبر أي الفزع هو؟…
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: ذلك عند النفخة الآخرة، وذلك أن من لم يحزنه ذلك الفزع الأكبر وآمن منه، فهو مما بعدَه أحرى أن لا يفزَع، وأن من أفزعه ذلك فغير مأمون عليه الفزع مما بعده " انتهى من "تفسير الطبري" (16 / 421 – 422).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة