هذا الحديث: “كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بيتي، وكان بيدِه سِواكٌ، فدعا وصيفةً له ـ أو لهاـ حتَّى استبان الغضبُ في وجهِه، فخرَجَت أمُّ سَلَمةَ إلى الحُجراتِ، فوجَدَت الوصيفةَ وهي تلعَبُ ببُهْمَةٍ، فقالت: ألا أراكِ تلعبين بهذه البُهْمةِ ورسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعوك، فقالت: لا والَّذي بعَثك بالحقِّ ما سمِعْتُك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: (لولا خشيةَ القَودِ لأوجَعْتُك بهذا السِّواكِ)، وفي روايةٍ (لولا القِصاصُ لضرَبْتُك بهذا السِّواكِ)، وفي روايةٍ: (لولا مخافةُ القِصاصِ لأوجَعْتُك بهذا السَّوطِ).
أشعرُ أنَّه حديثٌ ضعيف لم يقُله الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يُناقِض ويتناقَض مع الحديث الآخر الذي علَّمه عن كَبحِ غضبِ المرء، والصبر في جميع الأوقات، وأن يكون رفيقا، لطيفا ورحيما، ويتجنَّب ما هو قاسي دائمًا، نحنُ نعلم أنّه يحرُم إيذاء أيُّ شخصٍ بأيِّ شكل من الأشكال، وأنَّ الرسول هو شخص لن يفكِّر أبدا أو يتحدث عن فعلِ أيِّ شيءٍ محرَّم، فهل هذا صحيح؟ وما هو السياق؟
هل صحَّ خبر همّ النبي صلى الله عليه وسلم بضرب خادمة؟
السؤال: 435589
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الخبر رواه البخاري في “الأدب المفرد” (184)، وأبو يعلى الموصلي في “المسند” (12 / 373)، وغيرهما: عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُدْعَانَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَكَانَ بِيَدِهِ سِوَاكٌ، فَدَعَا وَصِيفَةً لَهُ (اي خادمة)- أَوْ لَهَا – (فأبطأت)، حَتَّى اسْتَأْثَرَ(استبان) الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ.
فَخَرَجَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِلَى الْحُجُرَاتِ، فَوَجَدَتِ الْوَصِيفَةَ وَهِيَ تَلْعَبُ بِبَهْمَةٍ، فَقَالَتْ: أَلَا أَرَاكِ تَلْعَبِينَ بِهَذِهِ البَهْمَة، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ؟ فَقَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا سَمِعْتُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَوْلَا خَشْيَةُ الْقَوَدِ لَأَوْجَعْتُكِ بِهَذَا السِّوَاكِ).
وهذا إسناد ضعيف، لجهالة حال داود بن أبي عبد الله، وجدة ابن جدعان.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
” وهذا إسناد ضعيف؛ جدة ابن جدعان لا تعرف. وابن جدعان هو عبد الرحمن بن محمد؛ كما وقع في رواية “الأدب”، وفي رواية لأبي يعلى… وهو ابن زيد بن جدعان؛ وثقه النسائي وابن حبان، وروى عنه جمع، لكن جدته هذه لا تعرف، بل قال الذهبي في عبد الرحمن عن جدته:
“لا يعرفان، تفرد عنه داود”.
وداود بن أبي عبد الله؛ مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان، وقد تفرد به كما قال أبو نعيم ” انتهى. “السلسة الضعيفة” (9 / 353).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب