ما صحة الأحاديث التالية عن فضل قراءة سورة التوبة: (مَنْ قرأَ سورة التوبة يَقبل الله توبته كما يقبل مِن آدم وداود، واستجاب دعاءَه، كما استجاب لزكريّا وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب زكريّا) (مَنْ قرأَ سورة الأَنفال وبراءَة شهدا له يوم القيامة بالبراءَة من الشرك والنفاق، وأُعطى بعَدَد كلِّ منافق ومنافقة منازل فى الجنة، ويكتب له مثلُ تسبيح العرش وَحَملتهِ إِلى يوم القيامة). (إِنه ما نزل علي القرآن إِلاَّ آية آية، وحرفاً حرفًا، خلا سورة براءَة، وقل هو الله أَحد فإِنَّهما أُنزلتا ومعهما سبعون أَلفَ صفٍّ من الملائكة، كلّ يقول استوصوا بنسبة الله خيرًا)؟
أحاديث ضعيفة في فضائل سورة التوبة
السؤال: 435772
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
أما خبر: ( إِنه ما نزل علي القرآن إِلاَّ آية آية، وحرفاً حرفًا، خلا سورة براءَة، وقل هو الله أَحد فإِنَّهما أُنزلتا ومعهما سبعون أَلفَ صفٍّ من الملائكة، كلّ يقول استوصوا بنسبة الله خيرًا ).
رواه الثعلبي في "الكشف والبيان" (13 / 158 -159)، قال:
أخبرنا محمَّد بن القاسم بن أحمد، أخبرنا محمَّد بن عبد الله بن يحيى، أخبرنا محمَّد بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن الحسين، قال: أخبرنا أحمد بن محمَّد بن عمار، أخبرنا حمدان بن عبد الله المروزي، أخبرنا عبد الله بن سعيد، أخبرنا عبد الله بن يزيد العمي، أخبرنا هشام ، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( إنه ما نزل عليّ القرآن إلا آية آية وحرفًا حرفًا، خلا سورة (براءة) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فإنهما أنزلتا عليّ ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة، كلٌّ يقول: يا محمَّد؛ استوصوا بنسبة الله خيرًا ).
وهذا إسناد ضعيف لجهالة عدد من رواته.
وفيه عبد الله بن يزيد، والظاهر أنه الذي ترجم له ابن الجوزي بقوله:
" عبد الله بن يزيد ويلقب "محمش": يروي عن هشام بن عبيد الله، عن ابن أبي ذئب، كذبه الدارقطني، وقال: كان يضع الحديث على الثقات " انتهى من "الضعفاء والمتروكون" (2 / 146).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" إسناده واه" انتهى من "الكافي الشافي" (ص 83).
وأما نزول سورة التوبة جملة فقد ورد عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ) رواه البخاري (4364).
وراجع للأهمية جواب السؤال رقم: (217721) حول هذه المسألة.
ثانيا:
وأما حديث: ( مَنْ قرأَ سورة الأَنفال وبراءَة شهدا له يوم القيام بالبراءَة من الشرك والنفاق، وأُعطى بعَدَد كلِّ منافق ومنافقة منازل فى الجنة، ويكتب له مثلُ تسبيح العرش وَحَملتهِ إِلى يوم القيامة ).
فهو قطعة من حديث أبي بن كعب الطويل في فضائل جميع سور القرآن سورة سورة، وقد حُكِم عليه بأنه حديث موضوع.
قال الثعلبي في "الكشف والبيان" (13/ 7 – 8) والواحدي في "الوسيط" (2 / 443): عن سَلام بْن سُلَيْمٍ، حدثنا هَارُونُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الأَنْفَالِ وَبَرَاءَةً فَأَنَا لَهُ شَفِيعٌ وَشَاهِدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ، وَأُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ مؤمن ومؤمنة، ومُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وكتب له عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَيُرْفَعُ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا).
وهذا إسناد لا يصح؛ ففيه هارون بن كثير مجهول، والراوي عنه سلام بن سليم الطويل، وهو متروك الحديث.
قال ابن عدي رحمه الله تعالى:
" هارون بن كثير شيخ ليس بمعروف.
روى عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامة الباهليّ، عن أبيّ بن كعب عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فضائل القرآن سورة سورة، حدث بذلك عن سلام الطويل بطوله" انتهى من"الكامل" (8 / 440).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
" سلام بن سلم، وقيل: ابن سليم المدائني السعدي الخراساني الأصل، الطويل…: متروك. وقال أبو زرعة: ضعيف " انتهى من "المغني" (1/270).
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
" وقد فرق هذا الحديث – حديث أبي بن كعب- أبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره"، فذكر عند كل سورة منه ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك، ولا أعجب منهما لأنهما ليسا من أصحاب الحديث…
وهذا حديث فضائل السور: مصنوع بلا شك… " انتهى من "الموضوعات" (1/240).
ثالثا:
وأما حديث: ( مَنْ قرأَ سورة التوبة يَقبل الله توبته؛ كما يقبل مِن آدم وداود، واستجاب دعاءَه، كما استجاب لزكريّا. وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب زكريّا ).
فلم نقف على أصل له، لكن ذكره الفيروزآبادي في كتابه "بصائر ذوي التمييز" (1/237) من غير إسناد ولا عزو، وحكم عليه بأنه ضعيف جدا.
وينظر جواب السؤال (224725)
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة