أعمل كمسوق لبرامج الحاسوب، لا أدفع أي مال، ولا أشتري أي سلعة مقابل قيامي بالتسويق، وهناك مواقع كثيرة منتجة للبرامج، وهي لا تقسم العمولة على المسوقين، بعض المواقع تعطيها لأول من أحضر الزبون، وبعضها تعطيها لآخر من أحضره.
فما الحكم هنا؟ هل أتعامل فقط مع الشركات التي تعطي العمولة لأول من أحضر الزبون، أم التي تعطيها لآخر من أحضره؟ أم كلاهما؟ ما دام الأمر قد اتفق عليه منذ البداية، أن الأول يأخذها أو الأخير يأخذها؟ والمواقع تضع مدة استحقاق العمولة، وهي: شهر في الغالب، أي أن الزبون الذي أحضرته قد لا يشتري يومها، ويعود ويشتري في يوم آخر، وآخذ العمولة فقط إذا لم ينتهي الشهر المتفق عليه، ذلك أن الزبون قد يأتي لاحقا من طرق مختلفة غير طريقي، وهي كثيرة على الإنترنت، هنا المواقع تُقدر وتعتبر أن الزبون لم يعد إليهم بجهدي بعد انقضاء الشهر، وجاء من طرق أخرى غير طريقي، فهل يجوز لي التعامل مع هذه الشركات التي تضع مدة إستحقاق العمولة هذه؟
ما حكم التسويق لمواقع لا تقسم العمولة بين جميع الدلالين؟
السؤال: 437525
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج في الدلالة على السلع المباحة، مقابل أجرة معلومة، وهو من باب السمسرة.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: ” بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ، وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا. ” انتهى.
وقال ابن قدامة في “المغني” (8/42): ” ويجوز أن يستأجر سمسارا, يشتري له ثيابا, ورخص فيه ابن سيرين , وعطاء , والنخعي وكرهه الثوري، وحماد. ولنا أنها منفعة مباحة، تجوز النيابة فيها، فجاز الاستئجار عليها، كالبناء. ويجوز على مدة معلومة , مثل أن يستأجره عشرة أيام يشتري له فيها ; لأن المدة معلومة , والعمل معلوم أشبه الخياط والقصار. فإن عَيَّنَ العملَ دون الزمان , فجعل له من كل ألف درهم شيئاً معلوما , صح أيضا ” انتهى.
وإذا صرح الموقع البائع بأن عمولة السمسرة تكون لأول من دل الزبون، أو لآخر من دله، أو أن العمولة لا تُستحق إلا إذا اشترى الزبون خلال شهر من دلالته، فلا حرج في ذلك كله؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، ولا غرر هنا ولا جهالة، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وقال البخاري في صحيحه:
” وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ: أَرْحِلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ؟
فَقَالَ شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا، وَقَالَ: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ؟
فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ أَخْلَفْتَ؛ فَقَضَى عَلَيْهِ”. انتهى من صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.
وأما إذا لم يصرح الموقع بأن العمولة للسمسار الأول أو الأخير، فالأقرب أنها للأخير، لا سيما إذا تراخت المدة بين دلالة الأول والشراء؛ لأن الزبون إذا لم يشتر بعد الدلالة الأولى، فالظاهر أنه أعرض عن الشراء، ثم تجددت له الرغبة في الشراء بعد دلالة الثاني.
جاء في”مجلة الأحكام العدلية”، ص107 :
” إنْ أُعْطِيَ دَلَّالٌ مَالًا، وَلَمْ يَبِعْهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ: فَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ.
وَإِنْ بَاعَهُ دَلَّالٌ آخَرُ: فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ، وَتَمَامُ الْأُجْرَةِ لِلثَّانِي” انتهى.
وينظر جواب السؤال (330208)
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة