0 / 0
21/شعبان/1446 الموافق 20/فبراير/2025

ما سبب تقديم آباء الزوج على الأبناء في آية سورة النور؟

السؤال: 438154

ما هي الحكمة من تقديم آباء الزوج على أبناء المرأة في تحليل إظهار الزينة حسب الترتيب في الآية؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/ 31.

في هذه الآية الكريمة أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات بإخفاء زينتهن ، وعدم إبدائها إلا لأصناف معينة .

وقدم تعالى «البعولة»، وهم الأزواج، على من سواهم لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا.

ثم ثنى بالمحارم، وسوى بينهم في إبداء الزينة .

ولكنهم تختلف مراتبهم في الحرمة، بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة: أحوط من كشف ولد زوجها .

وتختلف مراتب ما يبدي لهؤلاء المحارم؛ فيبدي للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج، وهكذا.

ينظر: " تفسير ابن عطية " (4/ 179)، "تفسير القرطبي" (12/232).

وقد ذكر " القاسمي " نقلًا عن غيره:   أن هؤلاء المحارم: هم الذين تؤمن الفتنة من قبلهم ، فإن آباءهن أولياؤهن الذين يحفظونهن عما يسوءهن ، وآباء بعولتهن يحفظون على أبنائهم ما يسوؤهم ، وأبناؤهن شأنهم خدمة الأمهات ، وهم منهن.

وأبناء بعولتهن شأنهم خدمة الآباء ، وخدمة أحبابهم ، وإخوانهن هم الأولياء بعد الآباء ، وبنوهم أولياء بعدهم ، وكذا بنو أخواتهن ، هم كبني إخوانهن في القرابة ، فيتعيرون بنسبة السوء إلى الخالة ... 

وأجمل ذلك الزمخشري بقوله: وإنما سومح في الزينة الخفية أولئك المذكورون، لِمَا كانوا مختصين به من الحاجة المضطرة إلى مداخلتهم ومخالفتهم.

ولقلة توقع الفتنة من جهاتهم ولما في الطباع من النفرة عن ممارسة القرائب ، وتحتاج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار للنزول والركوب وغير ذلك.

انظر: تفسير القاسمي " (7/ 377)، وبنحوه في " نظم الدرر" (13/ 261).

وقال العلامة " محمد الخضر حسين " : " ثم إن القرآن قد استثنى طائفة من الناس تكثر مداخلاتهم للمرأة ، فيكون في التزامها التستر - الذي تلتزمه مع الأجنبي - مشقة عليها ، فأذن لها في عدم إخفاء زينتها منهم ، ثم إن تَوقعَ الفساد منهم شأنه أن يكون مفقودًا أو نادرًا ، إما لشدة القرابة ؛ كالأب والابن ، والأخ والخال ، والعم وابن الأخ وابن الأخت ، وإما لأن شأنهم الغيرة على حفظ عرض المرأة ؛ كأبي الزوج وابنه ؛ فإن أبا الزوج أو ابنه تدعوه الغيرة على أن يحافظ على عرض المرأة ؛ لأن في حفظ عرضها حفظًا لعرض ابنه إن كان أبًا ، أو لعرض أبيه إن كان ابنًا.

وهؤلاء - وإن اشتركوا في جواز رؤية الزينة الباطنة - لا يتساوون فيما يصح أن يطلع عليه ، فالزوج يحل له النظر إلى ما شاء ، وأما الابن والأخ والجد ، وكل ذي محرم ، فلا يجب على المرأة أن تستر منهم الشعر والنحر والساقين والذراع ، وأما غير أولي الإربة من الرجال ، وهم الذين عرف منهم التعفف ، وكانوا على حالة من لا يقدر على مباشرة النساء ؛ كالطاعنين في السن الذين عرفوا بالصلاح ، وعدمِ الحاجة إلى النساء ، فإنما يحل للمرأة أن تظهر أمامهم في ثياب صفيقة ، وإن لم تكن عليها ملحفة "، انتهى .

" موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين " (4/ 2/ 190 - 191).

ولم نجد، بعد طول البحث، أحدا من أهل العلم تكلم عن حكمة الترتيب بين هؤلاء المحارم المذكورين في الآية، ولا ذكر مناسبة لتقديم بعضهم على بعض؛ فالله أعلم بمراده من ذلك.

والله أعلم.
 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
ما سبب تقديم آباء الزوج على الأبناء في آية سورة النور؟ - الإسلام سؤال وجواب