الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
السجود للصنم أو للكوكب كالشمس والقمر، كفر باتفاق العلماء .
وأما السجود لحي، ففيه تفصيل، فإن كان للتحية فهو كبيرة من الكبائر ولا يكفر به، وإن كان للعبادة فكفر.
وينظر: جواب السؤال رقم (229780)
وقد وقع الإجماع على كون السجود للصنم والكوكب كفرا، دون تفريق بين قصد التحية والعبادة.
جاء في الموسوعة الفقهية (24/ 221): ” أجمع الفقهاء على أن السجود للصنم أو للشمس أو نحوهما من المخلوقات: كفر يخرج الساجد به عن الملة، إذا كان عاقلا بالغا مختارا، سواء كان عامدا أو هازلا…
كما أجمعوا على أن السجود لغير صنم ونحوه، كأحد الجبابرة أو الملوك أو أي مخلوق آخر هو من المحرمات، وكبيرة من كبائر الذنوب:
فإن أراد الساجد بسجوده عبادة ذلك المخلوق؛ كفر وخرج عن الملة بإجماع العلماء.
وإن لم يرد بها عبادة، فقد اختلف الفقهاء، فقال بعض الحنفية: يكفر مطلقا، سواء كانت له إرادة أو لم تكن له إرادة، وقال آخرون منهم: إذا أراد بها التحية لم يكفر بها، وإن لم تكن له إرادة، كفر عند أكثر أهل العلم” انتهى.
ووجه التفريق بين السجود للصنم والكوكب وببين السجود للحي كالوالد والعالم:
أن السجود للحي على سبيل التحية كان مشروعا فيمن قبلنا، ومنه سجود الملائكة لآدم عليه السلام، وسجود يعقوب وأبنائه ليوسف عليه السلام، فكان ذلك شبهة تدفع الحكم بالكفر.
وأما السجود للكوكب والصنم: فلم يشرع بحال، ولا يصح أن يكون تحية إلا على وجه الاستهزاء بالدين، أي لو قال شخص: أنا أسجد للصنم تحية، كان هذا استهزاء ومعاندة للدين؛ لأنه يحيي ويعظم شيئا يعبد من دون الله.
ولهذا قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين (10/ 64):” والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح، كالسجود للصنم، أو الشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات”.
وقال ابن حجر الهيتمي، في الجواب عن هذه المسألة وبيان الفرق بين السجود للصنم والسجود للوالد:
“ويمكن أن يجاب عنه بأن الوالد وردت الشريعة بتعظيمه, بل ورد شرع غيرنا بالسجود للوالد كما في قوله تعالى: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) ، بناء على أن المراد بالسجود ظاهره، وهو وضع الجبهة على الأرض، كما مشى عليه جمع، وأجابوا عنه بأنه كان شرعا لمن قبلنا، ومشى آخرون على أن المراد به الانحناء.
وعلى كل؛ فهذا الجنس قد ثبت للوالد، ولو في زمن من الأزمان أو شريعة من الشرائع, فكان شبهة دارئة للكفر عن فاعله، بخلاف السجود لنحو الصنم أو الشمس، فإنه لم يرد هو ولا ما شابهه في التعظيم في شريعة من الشرائع, فلم يكن لفاعل ذلك شبهة لا ضعيفة ولا قوية، فكان كافراً.
ولا نظر لقصده التقرب فيما لم ترد الشريعة بتعظيمه، بخلاف من وردت بتعظيمه.
فاندفع الإشكال واتضح الجواب عنه كما لا يخفى” انتهى، من “الإعلام بقواطع الإسلام” لابن حجر الهيتمي ص74.
والله أعلم.