ارجو منكم الإجابة عن قصة ذهاب بلال إلى المدينة المنورة والاذان بعد انقطاع طويل واين مات .
هل تصح قصة عودة بلال من الشام إلى المدينة المنورة والأذان بها؟
السؤال: 446545
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
أما قصة عودة بلال رضي الله عنه إلى المدينة النبوية بعد انقطاع طويل وقيامه بالأذان بها، فهذا ورد في خبر رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7 / 136 – 137): عن محمد بن الفيض، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء، حدثني أبي محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان بن بلال، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: لما دخل عمر بن الخطاب الجابية سأل بلال أن يقدم الشام، ففعل ذلك.
قال: وأخي أبو رويحة الذي أخى بينه وبيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل داريا في خولان، فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم: قد جئناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله ومملوكين فأعتقنا الله وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا، فلا حول ولا قوة إلا بالله. فزوجوهما.
ثم إن بلالا رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما ان لك أن تزورني يا بلال، فانتبه حزينا وجلا خائفا.
فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال نشتهي نسمع اذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر، ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، زاد تعاجيجها، فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله، خرج العواتق من خدورهن فقالوا: أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فما رئي يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم.
وهذا خبر لا يصح.
قال ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى:
" هذا الأثر المذكور عن بلال ليس بصحيح عنه… وهو أثر غريب منكر، وإسناده مجهول وفيه انقطاع، وقد انفرد به محمد بن الفيض الغساني، عن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال، عن أبيه، عن جده.
وإبراهيم بن محمد هذا: شيخ لم يعرف بثقة وأمانة ولا ضبط وعدالة، بل هو مجهول غير معروف بالنقل ولا مشهور بالرواية، ولم يرو عنه غير محمد بن الفيض روى عنه هذا الأثر المنكر…
وأما سليمان بن بلال: فإنه رجل غير معروف، بل هو مجهول الحال قليل الرواية، لم يشتهر بحمل العلم ونقله، ولم يوثقه أحد من الأئمة فيما علمناه، ولم يذكر له البخاري ترجمة في كتابه، وكذلك ابن أبي حاتم، ولا يعرف له سماع من أم الدرداء…
والحاصل: أن مثل هذا الإسناد لا يصلح الاعتماد عليه، ولا يرجع عند التنازع إليه عند أحد من أئمة هذا الشأن " انتهى. "الصارم المنكي" (ص 237 – 241).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
" إسناده لَيِّن، وهو مُنْكَر " انتهى. "سير أعلام النبلاء" (1/ 358).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء: فيه جهالة.
حدث عنه محمد بن الفيض الغساني. انتهى.
ترجم له ابن عساكر، ثم ساق من روايته، عن أبيه، عن جدّه، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء في قصة رحيل بلال إلى الشام، وفي قصة مجيئه إلى المدينة وأذانه بها، وارتجاج المدينة بالبكاء لأجل ذلك. وهي قصة بيّنة الوضع " انتهى. "لسان الميزان" (1/ 359).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" إسناد القصة أبعد ما يكون عن الجودة، فإنه عند ابن عساكر كما سبق – من رواية إبراهيم بن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان بن بلال، وهذا إسناد مظلم فيه مجهولان:
الأول: سليمان بن بلال … هو مجهول العين …
وتبعا للبخاري وابن أبي حاتم لم يذكره الذهبي في "الميزان" ولا الحافظ في "اللسان".
والآخر: إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال…
وأورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: لا يعرف. وقال في "الميزان": فيه جهالة حدث عنه محمد بن الفيض الغساني.
وأقره الحافظ ابن حجر في "اللسان"…
وقد أشار إلى ضعف هذه القصة كل من الحافظين المزي، وابن كثير. أما الأول ففي ترجمة بلال في كتابه "تهذيب الكمال"، والآخر في ترجمته من كتابه "البداية" (2 / 102).
فهؤلاء خمسة من الحفاظ المشهورين … جزموا بعدم صحتها ما بين مصرح بالوضع ومضعف " انتهى. "دفاع عن الحديث النبوي" (ص 98 – 99).
ثانيا:
بلال رضي الله عنه توفي بالشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما ذكر البخاري في "التاريخ الأوسط" المطبوع باسم "التاريخ الصغير" (1 / 78).
لكن مع اختلاف المؤرخين في تحديد المدينة.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" قال محمد بن إبراهيم التيمي، وابن إسحاق، وأبو عمر الضرير، وجماعة:
توفي بلال سنة عشرين بدمشق.
قال الواقدي: ودفن بباب الصغير، وهو ابن بضع وستين سنة.
وقال علي بن عبد الله التميمي: دفن بباب كيسان.
وقال ابن زيد: حمل من داريّا، فدفن بباب كيسان.
وقيل: مات سنة إحدى وعشرين.
وقال مروان بن محمد الطاطري: مات بلال في داريّا، وحمل، فقبر في باب الصغير.
وقال عبد الجبار بن محمد في "تاريخ داريّا": سمعت جماعة من خولان يقولون: إن قبره بداريّا، بمقبرة خولان.
وأما عثمان بن خُرَّزاذ، فقال:
حدثنا محمد بن أبي أسامة الحلبي، حدثنا أبو سعد الأنصاري، عن علي بن عبد الرحمن، قال:
مات بلال بحلب، ودفن بباب الأربعين " انتهى. "سير أعلام النبلاء" (1/ 359).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب