هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة
السؤال: 45519
امرأة توفي زوجها ، وتريد أن تسافر للحج وهي في فترة العدة ، فهل يجوز لها ذلك ؟ مع العلم أنها قد حجت حجة الإسلام .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على من توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ، لقول
الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) البقرة/234
.
وخلال فترة العدة يلزمها الإحداد على زوجها .
روى البخاري (1280) ومسلم (1486) عن أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ
تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ
عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) .
وقد سبق في جواب السؤال (13966) بيان الأشياء التي يجب على
المتوفى عنها زوجها أن تتجنبها في فترة العدة .
ومنها : الخروج من البيت .
فإنها لا تخرج بالنهار إلا لحاجة ، ولا تخرج ليلاً إلا لضرورة .
وخروجها للحج لا يعتبر ضرورة ، لا سيما والمرأة المسئول عنها قد
حجت الفريضة .
بل ذكر العلماء رحمهم الله أنها لا يجوز لها الخروج لحج الفريضة
.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني” (11/303-305) :
” الْمُعْتَدَّة مِنْ الْوَفَاةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ
إلَى الْحَجِّ , وَلا إلَى غَيْرِهِ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ ,
رضي الله عنهما . وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْقَاسِمُ ,
وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ,
وَالثَّوْرِيُّ .
وَإِنْ خَرَجَتْ , فَمَاتَ زَوْجُهَا فِي الطَّرِيقِ , رَجَعَتْ
إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً ; لأَنَّهَا فِي حُكْمِ الإِقَامَةِ , وَإِنْ تَبَاعَدَتْ ,
مَضَتْ فِي سَفَرِهَا . وَقَالَ مَالِكٌ : تُرَدُّ مَا لَمْ تُحْرِمْ .
ويدل عَلَى وُجُوبِ الرُّجُوعِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً , مَا
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : تُوُفِّيَ
أَزْوَاجٌ , نِسَاؤُهُنَّ حَاجَّاتٌ أَوْ مُعْتَمِرَاتٌ , فَرَدَّهُنَّ عُمَرُ مِنْ
ذِي الْحُلَيْفَةِ , حَتَّى يَعْتَدِدْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ . . .
وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا حِجَّةُ الإِسْلامِ , فَمَاتَ
زَوْجُهَا , لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهَا وَإِنْ فَاتَهَا الْحَجُّ ;
لأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْزِلِ تَفُوتُ , وَلا بَدَلَ لَهَا , وَالْحَجُّ
يُمْكِنُ الإِتْيَانُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْعَامِ ” انتهى باختصار وتصرف
يسير .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (29/352) :
” ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ
وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ خُرُوجُ
الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ إلَى الْحَجِّ , لأَنَّ الْحَجَّ لا يَفُوتُ ,
وَالْعِدَّةُ تَفُوتُ ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة توفي عنها زوجها
وأدركها حج الفريضة ، وهي في الحداد وهي مستطيعة وقادرة وعندها محرم هل تحج أو لا ؟
فأجاب :
” لا تحج ، بل تبقى في بيتها ، وفي هذه الحال لا يجب عليها الحج
، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . وهذه المرأة لا تستطيع
شرعاً ، وإن كان معها محرم ، وتؤجل إلى السنة الثانية ، أو الثالثة حسب استطاعتها ”
انتهى .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (21/68) .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة