ورد عن عمر رضي الله عنه انه قال : من شهد له اربع بخير وجبت له الجنة .. إلى نهاية الحديث ، هل هذا الحديث يؤخذ على إطلاقه ، اي كل من شهد له اربع بالخير يدخل الجنة ؟!
هل حديث (أيما مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) على إطلاقه؟
السؤال: 472631
ملخص الجواب
الحديث على إطلاقه لكل من شهد له الناس بالخير من فضلاء المسلمين في أي زمان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه الحديث رواه البخاري (1302) عن عَبْدِ الله بن بريدة، عن أبي الأسود قال: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا.
فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ.
ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا.
فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ.
ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ.
فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ . فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ، قَالَ: وَثَلَاثَةٌ . فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ، قَالَ: وَاثْنَانِ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ".
وقد ذكر أهل العلم أنه على إطلاقة من حيث الزمان، ومن حيث حال الشخص المشهود له، أي أن الحديث على إطلاقه لكل من شهد له الناس بالخير من المسلمين في أي زمان، وأيّاً كان حال الشخص المشهود له.
وقيدوه من حيث حال الشهود بالنصوص العامة التي توجب عدالة الشهود، بحيث يكون الذين شهدوا من أهل الدين والصلاح.
أما إطلاقه من حيث الزمان، وأنه عام في كل الأزمنة: فيدل له حديث أبي الأسود المذكور أعلاه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وفي هذا دليل على أن المسلمين إذا أثنوا على الميت خيرا دل ذلك على أنه من أهل الجنة فوجبت له الجنة، وإذا أثنوا عليه شرا دل ذلك على أنه من أهل النار فوجبت له النار، ولا فرق في هذا بين أن تكون الشهادة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده؛ لأنّ حديث أبي الأسود مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى من "شرح رياض الصالحين لابن عثيمين" (4/ 570).
وأما إطلاقه في كل مشهود له، فقد قال النووي رحمه الله:
"وأما معناه: ففيه قولان للعلماء:
أحدهما: أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل؛ فكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله، فيكون من أهل الجنة، فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث.
والثاني، وهو الصحيح المختار: أنه على عمومه وإطلاقه، وأن كل مسلم مات، فألهم الله تعالى الناس، أو معظمهم، الثناء عليه؛ كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تُحتم عليه العقوبة بل هو في خطر المشيئة، فإذا ألهم الله عز وجل الناس الثناء عليه، استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة له.
وبهذا تظهر فائدة الثناء، ولو كان لا ينفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه؛ لم يكن للثناء فائدة، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم له فائدة" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (7/ 19).
وأما تقييده من حيث حال الشهود، فدليله النصوص العامة التي توجب عدالة الشهود، بحيث يكون الذين شهدوا من أهل الدين والصلاح.
قال ابن حجر رحمه الله: "قال الداودي: المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفَسَقة؛ لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم. ولا من بينه وبين الميت عداوة؛ لأن شهادة العدو لا تقبل.
وفي الحديث فضيلة هذه الأمة، وإعمال الحكم بالظاهر" انتهى من "فتح الباري لابن حجر" (3/ 231).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب