0 / 0

كيف يملأ الإنسان الفراغ

السؤال: 47398

أنا أعاني من مشكله الفراغ الشديد ، وبسبب الفراغ بدأت أصاب بحالة غريبة ، فقد بدأت عباداتي تقل بشكل ملحوظ ، ليس لسبب شيء يشغلني بل بسبب ما أصابني من اكتئاب ، فأنا أحفظ القرآن على يد محفظة ، ولكن مازلت في جزء عم ، وأحفظ المطلوب منى ، ويظل لدي وقت فراغ قاتل ولكي أتخلص من حالة الاكتئاب أفتح التلفزيون ، ولكن أنا أكرهه ولا أرغب في مشاهدته ، ولكني الآن أجلس أمامه أكثر من 10 ساعات ، هل تصدق 10 ساعات ؟ وأنا من كنت لا أجلس أمامه إلا قليلا لا أدري !! من فضلك انصحني ماذا أفعل لقتل الفراغ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده ، حتى أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى : ( وَالْعَصْرِ ) ، لأهمية هذا الوقت وبركته ، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك ) انظر صحيح الجامع برقم (1077) .

ولما كان أكثر الناس جاهلين بقدر هذه النعمة ، غافلين عما يجب عليهم نحوها من عمارتها بشكر الله وطاعته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412)

والمغبون هو الخاسر في بيعه أو شرائه .

وَقَالَ الطِّيبِيُّ : " ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُكَلَّفِ مَثَلا بِالتَّاجِرِ الَّذِي لَهُ رَأْس مَال , فَهُوَ يَبْتَغِي الرِّبْح مَعَ سَلامَة رَأْس الْمَال , فَطَرِيقه فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَحَرَّى فِيمَنْ يُعَامِلهُ وَيَلْزَم الصِّدْق وَالْحِذْق لِئَلا يُغْبَن , فَالصِّحَّة وَالْفَرَاغ رَأْس الْمَال , وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَامِل اللَّه بِالإِيمَانِ , وَمُجَاهَدَة النَّفْس وَعَدُوّ الدِّين , لِيَرْبَح خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَة وَقَرِيب مِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ( هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم ) الآيَات . وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِب مُطَاوَعَة النَّفْس وَمُعَامَلَة الشَّيْطَان لِئَلا يُضَيِّع رَأْس مَاله مَعَ الرِّبْح "

فتح الباري لابن حجر

وإذا كان الوقت بهذه المنزلة ، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون عنده وقت للفراغ ، لأنه يتقلب من طاعة إلى طاعة ، فإن لم يخرج من طاعة إلى أختها ، فإنه يخرج إلى المباح .

وينبغي أن يصلح فيه نيته ، ليكون له فيه أجر . كما قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأقوم وأنام ، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي " رواه البخاري (6923) ومسلم (1854)

والمشكلة التي تعاني منها الأخت سببها عدة أشياء :

أولا :

أنها لا تعرف قيمة الوقت ، وهذا حال أكثر الناس كما سبق ، بل الأدهى من ذلك أن هذه النعمة العظيمة ، بإهمالها ، والتفريط فيها ، صارت فراغاً مدمراً ، فاعتبرته عدواً لها ، فهي " تقتله " ولم تدر أنها تقتل نفسها .

ثانيا :

أنها تحس بالاكتئاب ، ولا شك أن إهدار الوقت ، وإضاعة الحياة تسبب اكتئابا شديدا لدى الإنسان ، لأنه يحس أنه مثل الدابة التي تأكل لتنام ، وتنام لتأكل ، ولهذا نرى كثيرا من أهل الكفر ينهون حياتهم بالانتحار ، بعد إصابتهم بالاكتئاب والأمراض المستعصية ، عافانا الله مما ابتلاهم به ، كما أن من أول وأهم أسباب الاكتئاب معصية الله عز وجل ، ولا شك أن إضاعة الوقت في النظر لجهاز التلفاز يؤدي بالإنسان إلى ارتكاب المعصية ، من النظر المحرم ، وسماع المحرم ، وتضييع الوقت ، وغير ذلك مما يسببه هذا الجهاز المفسد ، والفوائد التي تجنيها الأخت في جلوسها في حلقة تحفيظ القرآن الكريم تذهب كثير منها أو كلها بجلوسها أمام التلفاز ، فكما أن الحسنات يذهبن السيئات ، فذلك السيئات تضيع الحسنات .

[ يمكن الرجوع إلى قسم الكتب في الموقع ، ففي " علاج الهموم " تفصيل أكثر لأسباب الهموم وكيفية التغلب عليها ، وفي " أخطار تهدد البيوت " إشارة إلى بعض الآثار المدمرة لجهاز التلفاز .

ثالثا :

أنها تستسلم كثيرا لنفسها في مسألة الوقت ، فليس لديها من العزم ما يقويها على ملء وقتها بما هو مفيد .

ولحل مثل تلك المشكلة ، فإنه يجب على الأخت الفاضلة الحرص على النقاط التالية :

1. العبادات من الأذكار والأوراد والصلوات وتلاوة القرآن والصيام والتفكّر في آيات الله وآلائه .

2. بخصوص القرآن الكريم ، وقد أشارت السائلة إلى أنها تحفظ المطلوب منها ، ثم يبقى عندها من الفراغ ما تقتله بالتلفاز ، فلِمَ لا تحييه بذكر الله ، والاجتهاد في تلاوة القرآن ، والزيادة في القدر المحفوظ حتى تكمل حفظه ، قبل أن تنشغل بأعباء الحياة ، إن كل حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، إن كل آية هي رِفْعَة وزيادة ، هي رقي وكمال ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في الصحيحة (2240)

3. تبني قضية من قضايا المسلمات في البلد الذي تعيش فيه ، كالمساهمة في تدريس البنات المسلمات ودعم المشاريع الخيرية ونحو ذلك .

4. الرفقة الصالحة باجتماعاتها والجيرة الطيبة بزياراتها .

5. القراءة في الكتب الإسلامية خاصة والقصص المفيدة عامة .

6. الانخراط في مجال الدعوة والأنشطة النسائية ورياض الأطفال في المراكز الإسلامية.

7. سماع الأشرطة والمحاضرات وتلخيصها وتوزيع الملخّص على من يستفيد منه .

8. تعلم بعض العلوم الدنيوية المفيدة من طبخ وخياطة ونحو ذلك .

9. اتخاذ الكمبيوتر والبرامج المفيدة وهو حقل واسع وبحر كبير يأخذ وقتا طويلا ويُمكن استثماره في عمل كثير من الأشياء الطيبة والمفيدة ، وهذا يغني عن الجلوس أمام شاشة التلفاز التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتضر أكثر مما تنفع .

وينبغي عليك مطالعة بعض الكتب التي تتكلم عن أهمية الوقت وكيفية تنظيمه ، وسماع بعض المحاضرات النافعة في ذلك .

وفقنا الله وإياك لكل خير .

وللمزيد مراجعة الأسئلة ( 2267 ) ( 3619 ) ( 26869 ) ( 36546 ) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android