تنزيل
0 / 0
60927/02/2024

وجد السلعة معيبة، ثم وقعت وانكسرت قبل إعادتها، فهل له ردها؟

السؤال: 474790

شخص أعرفه طلب شراء منتج مقلاة كهربائية مستعمل من بائع، وأكد له البائع بأنه مصنوع في أوروبا وليس الصين، وليس فيه عيب، وصل البائع إلى منزل المشتري، وفحص المشتري المنتج لمدة قصيرة بسبب عجلة البائع، بعد الموافقة ورحيل البائع تبين للمشتري أن المقلاة مصنوعة في الصين، وبدأت باطلاق رائحة بعد دقيقتين من الاستعمال، ولم يعجب ذلك المشتري، وافق البائع على رد سلعته، ولكن أثناء ذلك بالخطأ سقطت المقلاة من يد المشتري على بعد صغير من الأرض، فحدثت ندبة واعوجاج صغير في محيط المقلاة، البائع حاليا يصر على المشتري أن يدفع ثمن المقلاة، والمشتري يلوم البائع؛ لأنه هو من أحضر بضاعة رديئة إليه، وحاول خداعه، فهل يجب على المشتري دفع ثمن المقلاة أم لا؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

إذا تبين أن السلعة معيبة، أو جاءت على خلاف الوصف المتفق عليه، فللمشتري الخيار في إمساكها أو ردها، لكن في حالة العيب له الإمساك مع أخذ الأرش، وهو العوض عن العيب.

وقد اجتمع هنا العيب، وخلاف الصفة المتفق عليها، فللمشتري رد السلعة، أو إمساكها وأخذ الأرش.

قال في “كشاف القناع” (3/ 218): ” فصل فيمن اشترى معيبا لم يعلم حال العقد (عيَبه ثم علم بعيبه) فله الخيار، سواء علم (البائع) بعيبه (فكتمه) عن المشتري، (أو لم يعلم) البائع بعيبه… (خُير) المشتري (بين رده)، استدراكا لما فاته، وإزالة لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ناقصا عن حقه … (وبين إمساك) المبيع (مع أرش) العيب (ولو لم يتعذر الرد، رضي البائع) بدفع الأرش (أو سخط) به؛ لأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المعوَّض؛ فكل جزء من العوض يقابله جزء من المعوض، ومع العيب، فات جزء منه، فيرجع ببدله، وهو الأرش” انتهى.

وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه مخير بين الرد والإمساك بلا أرش.

وينظر: “الموسوعة الفقهية” (20/ 129)، “الشرح الممتع” (8/319).

ثانيا:

إذا وافق البائع موافقة صريحة على رد السلعة، بحيث اعتبر كلامه فسخا للبيع، كأن قال: هات السلعة وخذ فلوسك، أو لا حرج، أو لا بيع بيننا، أو أعفيناك من البيعة ونحو هذا، فالسلعة أمانة في يد المشتري لا يضمنها إلا إذا تعدى أو فرط في حفظها.

قال في “مطالب أولي النهى” (3/ 122) : ” ( والمبيع بعد فسخ ) ، لعيب أو غيره : ( أمانة بيد مشترٍ )؛ لحصوله في يده بلا تعدٍّ.

( لكن يردُّهُ ) مُشترٍ ( فورا، فإن قصَّر في رده )، فتلف: ( ضَمِنَه ) ” انتهى.

وسقوط السلعة من اليد لا يعتبر تفريطا، بل هو وارد من كل محتاط، فلا يضمن ما ترتب عليه.

جاء في مجمع الضمانات في الفقه الحنفي، ص 54: ” استأجر حرا أو عبدا للخدمة، فوقع شيء من يده فأفسده: لا يضمن” انتهى.

وجاء في “المغني” (5/ 390) بشأن الأجير الخاص وهو أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط:

” فأما الأجير الخاص فهو الذي يُستَأْجَر مدةً، فلا ضمان عليه، ما لم يتعد.

قال أحمد، في رواية مهنا، في رجل أمر غلامه يكيل لرجل بَزْرا، فسقط الرطل من يده، فانكسر؟ -: لا ضمان عليه.

فقيل: أليس هو بمنزلة القَصَّار؟ قال: لا، القصار مشترك.

قيل: فرجل اكترى رجلا يستقي ماء، فكسر الجرة؟ فقال: لا ضمان عليه.

قيل له: فإن اكترى رجلا يحرث له على بقرة، فكسر الذي يحرث به؟

قال: فلا ضمان عليه” انتهى.

وعليه؛ فللمشتري أن يرد هذه المقلاة، ويسترد الثمن، ولا يلزمه شيء مقابل ما حصل لها من اعوجاج.

ثالثا:

إذا لم يوافق البائع على رد السلعة موافقة صريحة تُعتبر فسخا للعقد، كما لو أراد أن يراها مثلا قبل قبولها، فالسلعة ملك المشتري وفي ضمانه، وليست أمانة، فإذا تعيَّبت عنده، فله أن يمسكها ويأخذ أرش عيب البائع، وله أن يردها، ويدفع هو أرش العيب الذي حدث بسببه، كما هو مذهب المالكية والحنابلة.

قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (4/ 112): ” وكلُّ مبيع كان معيبا، ثم حدث به عند المشتري عيب آخر، قبل علمه بالأول، فعن أحمد – رحمه الله – فيه روايتان؛ إحداهما، ليس له الرد، وله أرش العيب القديم. وبه قال الثوري، وابن شبرمة، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن ابن سيرين، والزهري، والشعبي؛ لأن الرد ثبت لإزالة الضرر، وفي الرد على البائع إضرار به، ولا يُزال الضرر بالضرر.

والثانية، له الرد، يرد أرش العيب الحادث عنده، ويأخذ الثمن. وإن شاء أمسكه، وله الأرش. وبهذا قال مالك وإسحاق.

وقال النخعي، وحماد بن أبي سليمان: يرده ونقصان العيب. وقال الحكم: يرده. ولم يذكر معه شيئا.

ولنا: حديث المصراة؛ فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بردها بعد حلبها، ورد عوض لبنها. واحتج أحمد بأن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قضى في الثوب، إذا كان به عُوار: يرده، وإن كان قد لبسه.

ولأنه عيب حدث عند المشتري، فكان له الخيار بين رد المبيع وأرشه، وبين أخذ أرش العيب القديم، كما لو كان حدوثه لاستعلام المبيع.

ولأن العيبين قد استويا، والبائع قد دلس به، والمشتري لم يدلس، فكان رعاية جانبه أولى.

ولأن الرد كان جائزا قبل حدوث العيب الثاني، فلا يزول إلا بدليل.

وليس في المسألة إجماع ولا نص، والقياس إنما يكون على أصل، وليس لما ذكروه أصل، فيبقى الجواز بحاله.

إذا ثبت هذا، فإنه يرد أرش العيب الحادث عنده؛ لأن المبيع بجملته مضمون عليه، فكذلك أجزاؤه” انتهى.

رابعا:

إذا كان البائع عالما بعيبه، ودلس وكتم، ثم حدث عيب عند المشتري، فمن أهل العلم من قال: يرد المشتري السلعة ويأخذ الثمن كاملا، ولا يلزمه أرش العيب الذي حدث عنده، وهو مذهب الحنابلة.

قال في “كشاف القناع” (3/221):

“(وإن وطئ) المشتري الأمَة (البكر، أو تعيَّبَت) البِكرُ، (أو) تعيب (غيرُها) من المبيع (عنده) أي عند المشتري؛ (ولو) كان التعيُّب (بنسيان صنعةٍ، أو) نسيان (كِتابة، أو قطع ثوب = خُيِّر) المشتري (بين الإمساك وأخذ الأرش) للعيب الأول، كما لو لم يتعيب عنده، (وبين الرد مع أرش العيب الحادث عنده، ويأخذ الثمن)؛ لما روى الخلال بإسناده عن ابن سيرين ” أن عثمان قال في رجل اشترى ثوبا ولبسه، ثم اطلع على عيب؛ فردَّه وما نقص”، فأجاز الرد مع النقصان، وعليه اعتمد أحمد…

(إلا أن يكون البائع دلَّس العيب، أي: كتمه عن المشتري : فله) أي للمشتري (ردُّه)؛ أي رد المبيع إِذَنْ، ولو تعيّب عنده، (بلا أرشِ) العيبِ الحادثِ عنده، (ويأخذ الثمن كاملا) من البائع؛ لأنه قد ورَّط المشتري، وغرّه.

(قال) الإمام (أحمد في رجل اشترى عبدا، فأبق، فأقام بينة أن إباقه كان موجودا في يد البائع: يرجع على البائع بجميع الثمن؛ لأنه غر المشتري، ويتبع البائعُ عبدَه)؛ فإن وجده كان له، وإن فات ضاع عليه؛ لأنه أدخل الضرر على نفسه.

(وكذا لو دلس البائع) بأن أخفى العيب على المشتري، (ثم تلف) المبيع (عند المشتري: رجع) المشتري (بالثمن كله على البائع؛ نصا) – أي: نص عليه الإمام أحمد – كما تقدم في الآبق.

(وسواء تعيَّب) المبيع عند المشتري، (أو تلف بفعل الله) تعالى، (كالمرض، أو بفعل المشتري، كوطء البكر) ونحوه مما هو مأذون فيه شرعا.

بخلاف قطع عضو، وقلع سن ونحوه: فإنه لا يذهب هدرا، ذكره في شرح المنتهى.

(أو) بفعل (أجنبي مثل أن يجني عليه، أو بفعل العبد، كالسرقة) إذا قُطِع فيها.

(وسواء كان) التلف (مُذْهبا للجملة أو بعضها)؛ فيَفُوت التلف على البائع حيث دلس العيب، ويرد الثمن كله لما تقدم” انتهى.

وعليه؛ فسواء كان الكلام في الهاتف مع البائع فسخا للعقد، أو لم يكن كذلك، فإن المشتري هنا لا يضمن ما حصل من العيب عنده؛ لوجود التدليس من البائع، فللمشتري رد السلعة وأخذ ثمنها كاملا.

والله أعلم.
 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android