لو أخذ العميل دينا من صاحب العمل أو الشركة، فهل يجوز الاتفاق على إلغاء الدين، والعميل يأخذ أجرة أقل لمدة؟
هل يجوز تخفيض راتب الموظف مقابل الدين الذي في ذمته؟
السؤال: 475245
ملخص الجواب
يجوز لجهة العمل تخفيض راتب الموظف لاستيفاء الدين الذي لها عليه، إذا كان برضا الطرفين، بشرط ألا يزيد عن مقدار الدين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا اقترض الموظف من جهة العمل قرضاً وتم الاتفاق على استيفائه من الراتب، فهذا الاتفاق له صورتان: جائزة وممنوعة.
الصورة الأولى:
إذا كان تخفيض الراتب بمقدار الدين الذي عليك أو أقل، ثم يعود الأمر كما كان، فهذا جائز، ويعلم هذا من خلال المدة المتبقية من العقد، أو بالاتفاق على مدة التخفيض، وهي صورة من صور الاستيفاء إذا كانت برضا الطرفين.
فكأنك أذنت له أن يقسط الدين من الراتب الذي تستحقه، وهذا لا حرج فيه.
الصورة الثانية:
إذا كان التخفيض الذي يقتطع من راتبك يزيد على مقدار الدين: فلا يجوز؛ لأنه يؤول إلى قرض جر نفعاً، فكأنه أقرضك مثلاً عشرة آلاف، وأخذ مقابلها أكثر يقتطعه من راتبك.
ولا يجوز للمقرض أن يطلب أي امتيازات مادية أو معنوية أو يقبلها من المقترض لا قبل القرض ولا أثناء القرض (قبل سداد الدين).
فعن أبي بردة رضي الله عنه قال: "أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا" البخاري (3603).
قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن السلف إذا شرط عُشْر السلف هدية أو زيادة، فأسلفه على ذلك، أن أخذه الزيادة ربا" انتهى من "الإجماع لابن المنذر" (ص99).
وقال ابن القيم رحمه الله: "وعن غير واحد من أعيانهم -أي الصحابة – كأُبيّ وابن مسعود وعبد الله بن سلام وابن عمر وابن عباس أنهم نَهَوا المقرِض عن قبول هدية المقترض، وجعلوا قبولها ربًا" انتهى من "أعلام الموقعين" (4/66).
وقال ابن قدامة رحمه الله في إعطاء الهدية للمقرض: "وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء، لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض؛ لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما، فجعل يهدى إليه السمك ويقومه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم" انتهى من "المغني" (6/437).
ومن ذلك أيضا: أن تكون مدة التخفيض غير معلومة، أو على الدوام: فإن هذا لا يجوز؛ لما فيه من القمار والميسر المحرم؛ فإنه يكون قد أخذ دينا، مقابل تخفيض أجرته، أو التنازل عنها مدة غير معلومة، أو على الدوام؛ وقد تكون أجرته في هذه المدة أكثر من الدين الذي أخذه، فيكون غارما لما زاد على دينه. أو تكون أقل، فيكون غانما لما نقص عن دينه؛ وهذه هي قاعدة الميسر المحرم.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب