أعاني من تكيسات، تسببت في استمرار الدم لشهور من غير انقطاع سوى مرتين، يعني أصبحت أنام وأستيقظ وأنا أنزف، وأصبحت لا أفرق بين دم الدورة ودم الاستحاضة، لكن فيه فترة من الفترات ينزل الدم بشكل يشبه الدورة قليلًا، وبعد ساعات يصبح نفس دم الاستحاضة، وفي اليوم الثاني يرجع يشبه دم الدورة قليلا.
فماذا علي أن افعل، وهل يجب علي أن اغتسل كلما عاد الدم إلى شكل دم الاستحاضة، فهذا يحدث يوميًا معي بل وأحيانًا مرتين في اليوم؟
يستمر عليها الدم وتميز بين دم الحيض والاستحاضة لساعات ثم يتغير الدم، فماذا تفعل؟
السؤال: 482892
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا استمر الدم وجاوز خمسة عشر يوما، فأنت مستحاضة.
والمستحاضة تعمل ما يلي:
1 – إذا كان لها عادة منضبطة قبل ذلك، كسبعة أيام تعرف موعدها من الشهر، من أوله أو وسطه، فإنها في الشهر التالي للاستحاضة: تجلس عادتها، أي تمتنع عن الصلاة والصوم والوطء نفس المدة التي كانت تمتنع عليها قبل أن تستحاض، سواء كانت سبعة أو ثمانية، أو ما كانت عادتها، ثم تغتسل، ثم تصوم وتصلي بقية الشهر؛ لما روى البخاري (325) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ، فَقَالَ: (لاَ ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي).
وهكذا في الشهور التي بعده، حتى ترتفع عنها الاستحاضة.
فإن كانت عادتك قبل الاستحاضة سبعة أيام، وكانت تأتي اليوم الأول من الشهر الهجري مثلا، فإنك تجلسين هذه المدة من أول الشهر ثم تغتسلين.
ولو كانت تأتي بعد نصف الشهر، جلست من يوم 15، وإن كنت لا تذكرين متى كانت عادتك، جلست الأيام من أول الشهر.
قال في “مطالب أولي النهى” (1/ 255 ): ” (وإن استحيضت من لها عادة جلستها) – أي: عادتها – (إن عَلِمَتْها؛ بأن تعرف شهرها، ووقت حيضها وطهرها، وعدد أيامها؛ ولو كان دمها متميزا) …
(وشهرها) – أي: المرأة – (ما اجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان)، أي: تامان (كأربعة عشر) يوما بلياليها: يوم بليلته للحيض؛ لأنه أقله، وثلاثة عشر بلياليها للطهر؛ لأنها أقلها.
الحال الثاني: أن تذكر عدد أيام حيضها، وتنسى موضعه، وإلى ذلك أشير بقوله: (و) تجلس (ناسيةُ وقتٍ “فقط”: العددَ به)، أي: بشهرها، من أول مدة عُلِمَ الحيضُ فيها وضاع موضعه، كنصف الشهر الثاني.
وإن لم تعلم لحيضها مدة؛ بأن كانت لا تعلم هل كان حيضها في أول الشهر أو وسطه أو آخره؟ فإنها تجلس العدد من أول كل شهر هلالي، حملا على الغالب” انتهى.
2 – فإن لم يكن لها عادة منضبطة سابقة، أو نسيتْها؛ فإنها تعمل بالتمييز إن وُجد، فتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، باللون والرائحة والغِلظ والخفة؛ فدم الحيض أسود أو غامق، وله رائحة كريهة، وهو غليظ بخلاف دم الاستحاضة، كما قال الناظم:
باللون وبالريح وبالتألمِ *** وخفة وغلظة مَيْزُ الدمِ
قال ابن قدامة رحمه الله: ” أما المميزة: فهي التي لدمها إقبال وإدبار، بعضه أسود ثخين منتن، وبعضه أحمر مشرق، أو أصفر، أو لا رائحة له، ويكون الدم الأسود أو الثخين لا يزيد على أكثر الحيض، ولا ينقص عن أقله، فحكم هذه أن حيضها: زمانُ الدم الأسود أو الثخين أو المنتن، فإن انقطع فهي مستحاضة، تغتسل للحيض، وتتوضأ بعد ذلك لكل صلاة، وتصلي” انتهى من “المغني” (1/ 226).
ومما جاء في الاعتماد على التمييز ما رواه أبو داود (286)، والنسائي (215) عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: ” أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ). وصححه الألباني في “صحيح النسائي”.
3 – فإن لم يكن لها عادة ولا تمييز، فإنها تجلس ستة أيام أو سبعة أيام، لأن ذلك غالب الحيض عند النساء ثم تغتسل وتصلي؛ لما روى الترمذي (128)، وأبو داود (287) وابن ماجه (622) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: (فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ، فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَصُومِي وَصَلِّي، فَإِنَّ ذَلِكِ يُجْزِئُكِ، وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي، كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ، لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ).
ثانيا:
المعتبر في التمييز ألا يقل عن يوم وليلة، وأما التمييز ساعات فلا يعتبر تمييزا.
وتقدم النقل عن المغني.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” والتَّمييزُ الصالحُ: هو الّذي يصلُحُ أن يكونَ حيضاً، بأن لا ينقص عن أقلِّه، ولا يزيد على أكثره.
مثاله: امرأةٌ نسيت عادتها؛ لا تدري هل هي في أوَّل الشَّهر، أو وسطه أو آخره، فنقول: ترجع إِلى المرحلة الثَّانية، وهي التَّمييز، لأنها لما نسيت العادة تعذَّر العمل بها، فترجع إِلى التَّمييز.
فنقول: هل دمك يتغيَّر؟ فإن قالت: نعم، بعضُه أسودُ، أو منتنٌ، أو غليظٌ، نقول لها أيضاً: كم يوماً يأتي هذا الأسود، أو المنتن، أو الغليظ؟ فإِذا قالت: يأتي خمسة أيَّام أو سِتَّة أيَّام مثلاً، نقول لها: اجلسي هذا الدَّم، والباقي تطهَّري وصلِّي، وإِن قالت: إِنه يأتيها يوماً واحداً أو أكثر من خمسة عشر يوماً فلا عِبْرَة به؛ لأنَّه لا يصلح أن يكونَ حيضاً” انتهى من “الشرح الممتع” (1/ 492).
وعليه؛ فإن كان لك عادة سابقة فاجلسي قدرها، ثم اغتسلي وصلي، وتتوضئين بعد دخول وقت الصلاة.
وإن لم يكن لك عادة سابقة، أو نسيت عددها؛ فتعملين بالتمييز الصالح.
فإن كان التمييز يقل عن يوم وليلة، فلا عبرة به، فتجلسين غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام، بتحرٍّ، أي باجتهادٍ ورأي فيما يغلب على ظنك أنه أقرب إلى عادتك، أو عادة قريباتك من النساء.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب