تنزيل
0 / 0

هل تكرار قدر معين من القرآن بما يعادل زمن الختم يعد ختماً ؟

السؤال: 483142

أنا أجيد القراءة من سورة البقرة للإنعام في حوالي ساعة ونصف، وهي: 8 أجزاء، يعني أستطيع ختم القرآن كاملا بإعادة الكرة 4 مرات تقريبا، أي 5 ساعات فقط، فما حكم هذا؟ وما حكم فعل هذا في رمضان بدل الختمة الكاملة؟ وهل عليه نفس الأجر؟

ملخص الجواب

تكرار قدر معين من المحفوظ بما يعادل زمن الختم لا يعد ختماً للقرآن، وله فيه فضيلة وثواب قراءة القرآن على قدر ما قرأ. والإسراع في قراءة القرآن بسرعة مخلة منهي عنه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

نهنئك على ما أنت عليه من الخير في المداومة على تلاوة القرآن الكريم، فالزمه، فإنه قد ورد ذلك الفضل العظيم.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ) الترمذي (2910)، وصححه الألباني.

وهذا الأجر يحصل لمن قرأ أي سورة من القرآن، سواء كان ذلك أثناء ختمة مرتبة، أو في صلاته، أو في قراءة عارضة له، لم يراع فيها ختمة معينة.

ولكن تكرار ما تحفظ من البقرة إلى الأنعام: لا يعتبر ختماً للقرآن حقيقة، وإن كان فيه تحصيل أجر تلاوة القرآن، فاحرص على أن تقرأ ما تتقنه من حفظك، وتتم الباقي تلاوة ونظرًا .

فقد كان هدي السلف أن يختموا القرآن كاملاً، ثم يعودوا مرة أخرى وهكذا.

قال ابن قدامة رحمه الله: " يكره أن يؤخر ختمة القرآن أكثر من أربعين يوما…

وقال أحمد: أكثر ما سمعت أن يختم القرآن في أربعين.

ولأن تأخيره أكثر من ذلك يفضي إلى نسيان القرآن والتهاون به، فكان ما ذكرنا أولى.

وهذا إذا لم يكن له عذر، فأما مع العذر فواسع له " انتهى من "المغني" (2/611).

ثانياً:

اعلم أنّ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بيّن لنا الزمن الذي يُختم به القرآن، ولا يتجاوز.

فعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: (اقْرَأ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ) قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً…، حَتَّى قَالَ ( فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ) رواه البخاري ( 4767).

كما نهاهم عن ختمه في أقل من ثلاثة أيام، فعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث) رواه أبو داود، (1394)، وصححه الألباني.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما هي أطول مدة لختم القرآن الكريم؟

فأجاب: "ليس له مدة محدودة، وأحسن ما يفعل في ذلك: ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص لما سأله عن كيفية قراءة القرآن، فأخبره عبدالله أنه يختم في كل يوم، ويصوم الدهر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصوم ويفطر، وأن ينام ويقوم، وأن يختم في كل شهر، وقال : (إن لنفسك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، وإن لضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه) فاستزاده عبدالله، فانتهى معه إلى أسبوع، قال: (اقرأه في كل أسبوع) ، في كل سبعة أيام.

فأفضل ما يقرؤه في سبعة أيام، وإن زاد فلا حرج، في شهر.. في عشرين.. في أكثر، وأقل ما يقرؤه فيه ثلاثة أيام، كما في الحديث: (لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-" انتهى من موقع الشيخ.

وقد سبق في الموقع جواب مفصل حول ذلك يحسن الرجوع إليه: (156299).

ثالثاً:

ختمك 8 أجزاء في ساعة ونصف يجعل كل جزء في 11 دقيقة، وهذا وقت قليل جدا لقراءة جزء كامل من القرآن، لا يكاد المرء يقيمه فيه، ويتلوه حق تلاوته؛ فضلا عن أن يفقه ما يقرؤه، ويتدبره.

وقد نهى السلف عن قراءة القرآن قراءة سريعة، إذا كانت ستؤدي إلى الإخلال باللفظ ، أو تحول دون تدبره ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة" البيهقي في "شعب الإيمان" (1883).  

والهذّ: هو شدة الإسراع، والإفراط في العجلة، والدَّقَل: رديء التمر. انظر "شرح سنن أبي داود للعيني" (5/301).

وعن ابن عمر رضي الله عنه لمّا قال: " لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَإِنَّ أَحْدَنا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ فِيهَا، كَمَا تَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ، مَا يَدْرِي مَا آمِرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ، يَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ " رواه الحاكم في "المستدرك" (1 / 35)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً"، ووافقه الذهبي.

وقراءة القرآن قراءة سريعة، يسميها العلماء قراءة "الحدر".

ومن شرطها ألا تُخِل باللفظ ، فالحدر هو: إدراج القراءة، وسرعتها، مع مراعاة إقامة الإعراب، وتقويم اللفظ، وتمكن الحروف. انظر: "الإتقان في علوم القرآن" (1/345).

وقراءة الجزء في عشر دقائق لا يكون معه تقويم اللفظ، ولا مراعاة الإعراب؛ بل يكون هذّاً لا يفقه معه معنى.

وما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قرأ القرآن كله في ركعة، فهذا ليس هدياً عاماً، ولكن استثناء فعله عثمان، ثم ليس حاله كحالنا، وما يخفف عليه كما يخفف علينا، ولو قيل إنه كرامة له: لم يكن بعيدا. وإلا فأكثر الصحابة كانوا يقرأون القرآن في سبع.

قال الحافظ العراقي: "وقد كان الصحابة – رضي الله عنهم – يختمونه في كل سبع…، وممن كان يختمه في كل سبعة أيام تميم الداري وعبد الرحمن بن يزيد وإبراهيم النخعي وعروة بن الزبير وأبو مجلز وأحمد بن حنبل وامرأة ابن مسعود واستحسنه مسروق، وممن كان يختمه في ثمان أبي وأبو قلابة، وممن كان يختمه في ست الأسود بن يزيد، وممن كان يختمه في خمس علقمة بن قيس، وممن كان يختمه في ثلاث ابن مسعود، وقال من قرأه في أقل من ثلاث فهو راجز" انتهى من "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/102).

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android