معي مبلغ، وبشغله مع تاجر قطع غيار سيارات، وحاليا الشغل واقف خالص،هو يعطينا ربح الفلوس من ماله الخاص، فهل هذا يعتبر ربا؟
إذا كانت المضاربة لا تحقق أرباحا ، فهل يجوز للعامل أن يعطي أرباب الأموال أرباحًا من ماله الخاص؟
السؤال: 483270
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجوز أن يعطي الإنسانُ مالًا لمن يتاجر به ، على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه ، وهو صورة من صور المشاركة ، أحد الشريكين يشارك بماله ، والآخر يشارك بعمله ، وتسمى "المضاربة"، وهي جائزة بإجماع العلماء.
قال ابن المنذر رحمه الله:
" وأجمعوا على أن القراض [ أي : المضاربة ] بالدنانير والدراهم جائز.
وأجمعوا على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يجتمعان عليه، بعد أن يكون ذلك معلوماً ، جزءاً من أجزاء" انتهى من "الإجماع" لابن المنذر (33) .
ثانيا :
حتى تكون المضاربة جائزة فلها شروط ، منها :
1 – عدم ضمان العامل لرأس المال ، إلا إذا تعدى أو فرط ، بمعنى أن التجارة لو خسرت بغير سبب من العامل ، فإن الخسارة تكون على رأس المال ، ويخسر العامل عمله ، ولا يجوز أن يتحمل رأس المال أو بعضا منه ، ما دام لم يحصل منه تقصير .
قال ابن قدامة رحمه الله: " متى شُرط على المضارب ( العامل ) ضمان المال، أو سهماً من الوضيعة ( يعني : جزءً من الخسارة )، فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافا، والعقد صحيح . نص عليه أحمد . وهو قول أبي حنيفة، ومالك" انتهى من "المغني" (5/40).
2-ومنها : أن يكون توزيع الأرباح بنسبة من الأرباح الحاصلة ، كالربع أو الثلث أو 40% من الأرباح وهكذا ، ولا يجوز أن تكون نسبة من رأس المال ، لأن هذا يحول المعاملة إما إلى مضاربة فاسدة محرمة ، إن كان العامل لا يضمن رأس المال ، وإما إلى حيلة على التعامل بالربا إن كان يضمن رأس المال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً : فَإِنَّ هَذَا لا يَجُوزُ بِالاتِّفَاقِ ; لأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ ، وَهَذِهِ الْمُعَامَلاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ ; وَالْمُشَارَكَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ، فَإِذَا جُعِلَ لأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَدْلا ; بَلْ كَانَ ظُلْمًا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/83) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن شركة تأخذ الأموال من الناس لتتاجر بها ، وتعطيهم نسبة 30 بالمئة من رأس المال سنوياً ، وتدعي أنها تربح 100 بالمئة.
فأجابت :
" إذا كانت الشركة المذكورة تدفع للمشترك مبلغاً محددا مضموناً من الربح ، فهذا التعامل لا يجوز ، لأنه ربا ، والتعامل المباح أن يكون نصيب كل من الشريكين جزءاً مشاعاً ، كالربع والعشر ، يزيد وينقص حسب الحاصل " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/321) .
ومن المعلوم أن الربح هو ما زاد على رأس المال ، فإذا لم يكن ربح ، فبأي وجه تأخذون أرباحًا؟
فهذا يجعل المعاملة حيلة ظاهرة على الربا.
وعلى هذا فالواجب أحد أمرين:
إما تصفية الشركة وسحب رأس المال.
وإما معرفة حقيقة الأرباح ، فإن كان هناك أرباح يتم اقتسامها ، وإن لم يكن فلا حق لكم في المال الذي تأخذونه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب