0 / 0

هل يحكم بصحة الحديث الذي قلب الراوي إسناده إذا كان رواته ثقات؟

السؤال: 485074

ما حكم الحديث الذي فيه قلب فيه إسناده ورواته كلهم ثقات؟

ملخص الجواب

قلب الراوي للإسناد بإبدال ثقة بغيره، لا يؤثر في صحة المتن، إذا كان الإسناد الذي لم يحدث فيه القلب جامعا لسائر شروط الصحة، ولا يكتفى بالنظر إلى ثقة الراوي فقط.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحديث المقلوب يعدّ نوعا من أنواع الضعيف، وله صور عدّة، منها أن يهِم الراوي فيبدل راويا بآخر.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قوله (أي ابن الصلاح): " هو نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ".

أقول: هذا تعريف بالمثال.

وحقيقته: إبدال من يعرف برواية بغيره.

فيدخل فيه إبدال راو أو أكثر من راو، حتى الإسناد كله.

وقد يقع ذلك عمدا، إما بقصد الإغراب، أو لقصد الامتحان.

وقد يقع وهما… " انتهى من "النكت على كتاب ابن الصلاح" (2/864).

والراوي إذا أبدل راويا بآخر على سبيل الوهم، فلا شك أن الإسناد الذي وقع فيه الوهم يُحكم عليه بالشذوذ والعلة والضعف.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى:

" كل مقلوب لا يخرج عن كونه معللا أو شاذا؛ لأنه إنما يظهر أمره بجمع الطرق، واعتبار بعضها ببعض، ومعرفة من يوافق ممن يخالف.

فصار المقلوب أخص من المعلل والشاذ والله أعلم " انتهى من "النكت" (2/874).

فالإسناد الذي فيه قلب عند الحكم عليه بالضعف، يعني ذلك أنه لا يكون مقويّا ومؤيدا للإسناد الخالي من القلب.

لكن إن كان القلب حصل بإبدال راو ثقة، بثقة آخر، فهذا قد لا يؤثر في صحة متن الحديث، وهذا ما يسميه أهل العلم بـ"العلة غير القادحة" أو غير المؤثرة.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" اختلاف الحافظَيْن: أن يُسمِّي أحدُهما في الإسناد ثقةً، ويبدله الآخرُ بثقة آخر. أو يقول أحدهما: "عن رجل"، ويقول الآخر: "عن فلان" فيسمّي ذلك المبهم.

فهذا لا يضرّ في الصحة " انتهى من "الموقظة" (ص53 ).

وهذا إذا ثبت أن الوجه الذي لم يحصل فيه القلب مستوفٍ لشروط الصحة.

ومن أمثلة ذلك:

ما رواه البخاري (2535)، و(6756)، ومسلم (1506) وغيرهما، عن جمع من الثقات: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: " نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ‌بَيْعِ ‌الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ".

قال الإمام مسلم عقب الحديث: " النَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ".

وخالفهم يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، فجعله من حديث نافع عن ابن عمر.

رواه ابن ماجه (2748)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ".

ورواه الترمذي (2126) كرواية البخاري ومسلم، ثم قال:

" هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى ‌عن ‌بيع ‌الولاء وعن هبته، وقد رواه شعبة وسفيان الثوري ومالك بن أنس عن عبد الله بن دينار، ويروى عن شعبة قال: لوددت، أن عبد الله بن دينار حين حدث بهذا الحديث أذن لي حتى كنت أقوم إليه فأقبل رأسه.

وروى يحيى بن سليم هذا الحديث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو وَهْم؛ وَهَم فيه يحيى بن سليم، والصحيح عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر.

وتفرد عبد الله بن دينار بهذا الحديث " انتهى.

لكن أحيانا يكون القلب بإبدال ثقة بآخر، يعطي وهما بصحة الحديث، ويُخفي علته ووجه ضعفه.

من أمثلة ذلك، ما رواه سعيد بن منصور في "السنن – التفسير" (5 / 372) قَالَ: أخبرنا أَبُو الأَحْوَص، قَالَ: أخبرنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شيَّبك؟ قَالَ: شيَّبتني هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وعمَّ يتساءلون وإذا الشمس كوِّرت .

وكذا رواه غير أبي الأحوص.

فالوجه الصواب فيه : هو عن عكرمة.

وقد أبدل بعض الرواة عكرمة بمسروق، وبعضهم بأبي جحيفة، ومسروق ثقة ثبت أدرك زمن النبوة، وأبو جحيفة من صغار الصحابة.

فظاهره أنه لا يضر من يكون منهم شيخا لأبي إسحاق؛ لأنهم كلهم ثقات، لكن عكرمة لم يسمع من أبي بكر، فيكون السند منقطعا.

قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:

" وسألت أبي: عن حديث رواه هشامُ بنُ عمَّارٍ ، عَنِ أَبِي معاويةَ الضَّرِيرِ ، عَنْ زكريَّا بْن أَبِي زائدةَ، عَنْ أَبِي إسحاقَ ، عَنْ مسروقٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؛ قَالَ: قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ، لَقَدْ أسرَعَ الشَّيْبُ إِلَيْكَ! فَقَالَ : ‌( شَيَّبَتْنِي ‌هُودٌ وَالوَاقِعَةُ … )، الحديث؟

قال أبي: يروى عن زكريّا، عن أبي إِسحاق، عن مسروق، أنّ أبا بكر.

ورواه محمّد بن بِشر ، عن عليّ بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة.

ورواه شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، أنّ أبا بكر قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم؛ وهذا أشبهها بالصواب، واللّه أعلم " انتهى من "العلل" (5/170).

وطالع لمزيد التفصيل حول هذا الحديث جواب السؤال رقم: (146446).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android