تنزيل
0 / 0
82513/12/2023

هل للزوج إرجاع زوجته في العدة دون رضاها؟

السؤال: 485620

رجل لاينفق على زوجته ولايهتم لشأنها فطلبت منه الطلاق فطلقها طلقه واحده وهي اول طلقه فلو اراد ارجاعها في فترة العده ، وهي رافضة لذلك ،لنفس السبب الذي هو سبب الطلاق اصلا ، فهل هذا الرفض منها للرجوع اليه يصح منها لأنها ترى انه لن يكون هناك عشره بينهم بالمعروف اذا رجعت اليه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

إذا طلق الزوج زوجته طلقة واحدة على غير عوض تدفعه له الزوجة ، وكانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية ، فله أن يرجعها إلى عصمته ما دامت في العدة ، ولا يشترط لذلك رضاها ولا رضا وليها .

وعلى هذا أجمع العلماء ، لقول الله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) .

قال ابن قدامة رحمه الله :

"وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّجْعَةِ رِضَى الْمَرْأَةِ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : : وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا . فَجَعَلَ الْحَقَّ لَهُمْ ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ  فَخَاطَبَ الْأَزْوَاجَ بِالْأَمْرِ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُنَّ اخْتِيَارًا .

وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ لِلْمَرْأَةِ بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا فِي ذَلِكَ ، كَاَلَّتِي فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ .

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا" انتهى ، المغني (10/553) .

ثانيا :

أما إذا كان الطلاق على عوض ، فإن الزوج لا يملك رجعتها ، لأنها إنما دفعت العوض لتفتدي منه ، وتمنعه من رجعتها .

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" وهو يعدد شروط الطلاق الذي يثبت للزوج فيه الرجعة:

"الرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الطَّلَاقِ إنَّمَا جُعِلَ لِتَفْتَدِيَ بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ" انتهى .

ومن صور العوض التي قد يقع عليها الطلاق : أن تعطيه المهر أو الذهب الذي كان أعطاها إياه .

ومن صور العوض : أن تتنازل له عن حقوقها ، كما لو كان لها مهر مؤخر ، فتتنازل عنه مقابل الطلاق ، فلا يملك الزوج رجعتها حينئذ .

وينظر جواب السؤال (270964) .

ثالثا :

إذا كان الزوج مسيئا لزوجته ، كما لو كان مقصرا في النفقة عليها ، أو مسيئا لعشرتها ، وأراد رجعتها : فإنه يجب عليه أن يكون عازما على إصلاح ما أفسده ، فيحسن معاملتها ، بأن ينفق عليها بالمعروف إن كان مقصرا في النفقة ، ويحسن التعامل معها إن كان يسيئه .. وهكذا ، وذلك لقوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) . فجعل الله تعالى الزوج أحق بالرجعة بشرط أن يريد الإصلاح .

قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" :

"وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا : أَيْ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي الْعِدَّةِ ، بِشَرْطِ أَنْ يُرِيدَ الزَّوْجُ بِرَدِّهَا الْإِصْلَاحَ ، وَهُوَ حُسْنُ الْعِشْرَةِ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ .

فَإِنْ أَرَادَ بِالرَّجْعَةِ غَيْرَ ذَلِكَ ، كَمَنْ يُرَاجِعُ زَوْجَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ ، فَإِنَّهُ يُطَلِّقُ ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِهِ ، فَيُرَاجِعُ ، ثُمَّ يُطَلِّقُ ؛ إرَادَةً لِبَيْنُونَةِ الْمَرْأَةِ = فَهَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ لَمْ يُرِدْ بِهَا إصْلَاحًا ، وَلَا إقَامَةَ حُدُودِ اللَّهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ إذْ الْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمُرَاجَعَةُ ، وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِرَدِّ امْرَأَتِهِ إلَّا بِشَرْطِ إرَادَةِ الْإِصْلَاحِ وَأَيُّ إرَادَةِ إصْلَاحٍ فِي مُرَاجَعَتِهَا لِيُطَلِّقَهَا .

وَمَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلرَّجْعَةِ ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ بِلَا دَلِيلٍ" انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَأَخْبَرَ أَنَّ الرِّجَالَ لَيْسُوا أَحَقَّ بِالرَّدِّ ؛ إلَّا إذَا أَرَادُوا إصْلَاحًا" انتهى، "مجموع الفتاوى" (34/84) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"وذلك نص في أن الرجعة إنما ملكها الله تعالى لمن قصد الصلاح ؛ دون من قصد الضرار" انتهى، "أعلام الموقعين" .

ومجرد خشيتها أن يستمر في ظلمها : ليست عذرا لها لتمتنع من الرجوع له ، لأن ذلك قد يكون مجرد توقع منها لا حقيقة له ، فعليها أن تثبت ذلك أمام القاضي الشرعي ، كما لو كان صرح بذلك لبعض الناس ، أو هددها به أمام بعض الناس ، أما إذا لم يكن لديها بينة على أن الزوج أراد إرجاعها للإضرار بها ، فإنها ترجع إليه ، ثم إن أضر بها، رفعت أمرها إلى القاضي وأثبتت الضرر.

وكون الزوج يعيد زوجته إلى عصمته بعد أن طلقها بسبب عدم إنفاقه عليها يفيد أنه عازم على تغيير هذا الشر إلى خير ، فيدخل في قوله : (إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا) فيكون ظاهر حاله أنه أراد الإصلاح ، فتصح الرجعة في حقه .

ينظر : الفتاوى الكبرى (6/256) .

رابعا :

ينبغي في مثل هذه المشكلة التي تفاقمت حتى وصلت إلى الطلاق ، أن يتدخل عقلاء العائلة الذين يسمع الزوج كلامهم ، وينصحوه بما يجب عليه من إحسان معاملة زوجته ، كما أنهم ينصحون الزوجة أيضا بالصبر وعدم التعجل في طلب الطلاق ، فإن الحياة لا تخلو من المنغصات ، وفي كثير من الأحوال يكون بقاء الزوجية ، مع أنها ليست في صورتها المثلى الكاملة ، خيرا للزوجين والأولاد من الطلاق .

ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android