0 / 0

ليس معه نفقات الزواج، ويريد أن يتزوجها مع بقاء كل واحد منهما في بيت أهله!

السؤال: 487744

أنا طالب بالجامعة، وأنا أبادل فتاة في مدرستي مشاعر الحب، فأردت الزواج بها، لكنني لازلت طالبا، وليس لي عمل إلا قليل من المال، أحصّله بعمل بعض المهمات، والذي لا يكفي لتلبيت مستلزمات العيش الكاملة؛ كالسكن، ففكرت في حل، والذي كالتالي: لماذا لانتزوج، وكل يدرس في منزله، وعندما نريد أن نرى بعضنا أو نناقش مشكلة تأتي إلى منزلي أو العكس ، وذلك المال نحصله لنتمتع به كجائزة لصبرنا، كأن نسافر به، وعندما أتوظف أضمها إلى بيت الزوجية، وأقوم بكل واجباتي الزوجية، لكن عندما ناقشت هاذا الحل رفضت كفيلتها، رغم قبول البنت، بدعوى كلام الناس، وبدعوى أن هذا الحل لا يليق، وليس بزواج، فهل هذا صحيح؟
فهل لبنتها أن لا توافقها في قرارها؛ بدعوى أنها منعتها عن عبادة، أقصد هل تدخل في حكم: (وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِى ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ ۚ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)؟ و كتوضيح هي كفيلتها، وليست أمها، وأبوها الحقيقي لازال على قيد الحياة، فمن يجب أن أطلب يدها منه، هل من أبيها، أو من كفيلتها؟ وهل يجوز لهذه الأخيرة أن تحدد قرارا حاسما كهذا في حياة المتكفلة بها؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

العلاقة التي يقيمها رجل مع فتاة أجنبية عنه ، تحت مسمى “الحب” أو بدعوى أنها من أجل الزواج ، ما هي إلا علاقة محرمة ، بل تشتمل على مجموعة من المحرمات ، وقد سبق بيان ذلك في عدة أجوبة ، فانظر السؤال رقم: (84089).

ولذلك لا يستغرب أن يكون الزواج المبني على مثل هذه العلاقات : أكثر عرضة للفشل من غيره من الزِّيجات؛ حتى إن أكثر من 75 % من تلك الزيجات قد انتهت بالفشل والطلاق .

وينظر جواب السؤال رقم: (84102).

ولعل من أسباب ذلك أن تلك العلاقة المحرمة السابقة يزينها الشيطان في نفوس الطرفين ، وتوافقه على ذلك النفس الأمارة بالسوء ، فإذا ما تم الزواج ، تخلى الشيطان عن تزيينه ، لأن العلاقة صارت حلالا ، ولم تبق المرأة في نظره كما كان يراها ؛ بل صارت “عادية” في “متناول يده ” !! فصار الشيطان يسعى في التفريق بين الزوجين ، فتبدأ المشاكل بينهما حتى تنتهي بالطلاق.

ثانياً:

الصورة التي تقترحها للزواج هي أقرب إلى “عبث الصبيان” و”لعب الصغار” منها إلى الزواج الحقيقي. وبالطبع؛ فليست صورة مقبولة في المجتمع ، وهي ليست صورة سوية للزواج ، الذي يهدف إلى تأسيس بيت وأسرة وإنجاب أولاد والسعي أن يكونوا ذرية صالحة ، وهذا غير ممكن في الصورة التي تقترحها ، ولذلك رفضتها الكفيلة ، وأي إنسان عاقل سوف يرفض تلك الصورة “العبثية”!

ثم راح الشيطان يزين لك أمرا، وهو أن كفيلتها، وربما “وليها” ؛ أو ربما “الناس” قاطبة: ليس من حقهم أن يمنعوا هذا “الزواج” ، واخترعت أنت مبررا فوق ذلك أنه “عبادة” ، وهو ليس كذلك في حقيقة الأمر؛ فليس الزواج من “العبادات” المحضة في نفسه، ثم رحت تأتي بآية عدم طاعة الوالدين إذا أمرا ابنهما بالشرك ؟؟ فليتك سكتَّ!! على حد تعبير الإمام الذهبي، رحمه الله.

ثالثا:

وخلاصة الأمر لك يا عبد الله :

أنك إذا لم تكن مستطيعا للنكاح ، بمعنى أنه ليس معك لا المهر ولا القدرة على النفقة على الأسرة بعد الزواج ، فقد بين الله عز وجل ماذا عليك فعله ؟ فقال تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النور/33.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية (ص 567):

“(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف؛ أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء)” انتهى.

فعليك أن تطلب العفة بقطع علاقتك المحرمة بتلك الفتاة نهائيا ، حتى يغنيك الله من فضله ، ثم إن شئت تزوجتها أو غيرها .

وما دام والد هذه الفتاة موجودا فهو وليها ، لا ولاية لأحد معه بإجماع العلماء ، فإذا أردت أن تتزوجها فعليك أن تطلبها من أبيها ، فإن رضيت الفتاة بالصورة التي ذكرتها أنت للزواج ، ورضي أبوها ، فلا حرج عليك في ذلك ، أما إذا رفض أبوها فله الحق في ذلك ، لأن للأب أن يرفض أن تتزوج ابنته من رجل لا مال معه ينفق منه عليها ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (236915) .

كما أن للأب أن يرفض الخاطب إذا كان غير كفء.

قال ابن قدامة رحمه الله : ” … فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها .

فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها : فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها ” انتهى من ” المغني ” (9/383) .

وأما كفيلتها؛ فإذا كانت هي القائمة على شأنها : فلها أن تمنعها من العلاقات المحرمة ، ولها أن تمنعها أيضا من “عبث الصغار”؛ ثم الكلمة في أمر عقد النكاح ، في آخر الأمر: هي لوليها، كما سبق بيانه.

نسأل الله تعالى أن يوفقك للصواب ، ويلهمك رشدك .

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android