ما هو الحكم الشرعي في قيام الولد بأخذ راتب والدته التقاعدي كاملا من أجل الصرف على نفسه وزوجه وطفلته وشئون بيته، وكذلك للصرف على والدته المريضة التي تسكن معه في بيته لأدويتها العلاجية، والحفاظات، والاحتياجات الخاصة للنظافة الشخصية؛ علما بأن والدته تعاني من مرض الزهايمر، ومرض الذهان النفسي، وأمراض عضوية أخرى، مثل: السكر، والضغط، وضعف كفاءة الكلى، والقصور القلبي، وتحتاج رعاية متواصلة، ويتناوب على رعايتها الولد، وزوجته، والخادمة؟
فهل يحق له أخذ راتبها بالكامل، وهو شخص قادر على العمل، ولكنه عاطل عن العمل، ومتفرغ لخدمة والدته، ويستلم راتبا تقاعديا لا يبقى منه إلا عشرون دينارا بحرينيا، وهو مبلغ زهيد جدا، لا يغطي شيئا من احتياجاته المعيشية واحتياجات والدته؛ بسبب الاستقطاعات الكثيرة من الراتب لوزارة الإسكان، ولبعض الأحكام القضائية الملزمة؟
أرجو الإجابة على السؤال بالتفصيل؛ لأن إخوان وأخوات هذا الولد غير موافقين على فعله هذا.
أمه مصابة بالزهايمر، فهل له أن يأخذ راتبها التقاعدي لينفق منه على شؤونه وشؤونها؟
السؤال: 490603
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
المصاب بالزهايمر يحجر عليه في ماله، فيمنع من التصرف فيه، لكن لا يحجر عليه إلا القاضي الشرعي، فإن لم يوجد، عيّن أولاده أمينا على ماله، يحفظ ماله، وينفق عليه منه، كما بينا في جواب السؤال رقم: (202990).
ولا يجوز لمن ولي ماله أن يتصرف فيه إلا بما فيه مصلحته.
وفي “الموسوعة الفقهية” (45/162): ” لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار.
وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه، كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة: لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض؛ فكان ضررا محضا …
ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على مَوْلِيِّه، وعلى من تلزمه مؤنته بالمعروف، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).
وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قتر أثم، وإن أسرف أثم وضمن لتفريطه.” انتهى.
ثانيا:
إذا احتاج الوالد أو الوالدة إلى الخدمة: وجب على أولادهما جميعا ذلك، ذكورا كانوا أو إناثا، إما بأنفسهم، أو باستئجار من يقوم بالخدمة.
قال السفاريني في غذاء الألباب (1/390): “ومن حقوقهما: خدمتُهما إذا احتاجا، أو أحدهما، إلى خدمة” انتهى.
وفي “الموسوعة الفقهية” (19/39): ” أما خدمة الولد لوالده، أو استخدام الأب لولده: فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البِر المأمور به شرعا، ويكون واجبا على الولد: خدمةُ، أو إخدام، والده عند الحاجة.
ولهذا: فلا يجوز له أن يأخذ أجرة عليها، لأنها مستحَقَّة عليه، ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره: لا يجوز له أخذ الأجرة عليه” انتهى.
وعليه؛ فخدمة الوالدة هنا تجب على جميع أولادهأ، إما بأنفسهم، أو باستئجار من يخدمها.
ثالثا:
لا يلزم الزوجة خدمة والدة زوجها، ولها أن تأخذ على ذلك أجرة من المخدومة، فتعطى أجرة المثل، من غير محاباة؛ لما سبق أنه لا يجوز التبرع أو المحاباة في مال المحجور عليه.
رابعا:
إذا لم يشارك بقية الأولاد في خدمة أمهم، وتفرغ هذا الابن لخدمتها، ولم يكن عنده مال ينفق منه على نفسه وزوجته وأولاده: فإن نفقته ونفقة عياله تؤخذ من مال والدته، لأنه فقير.
قال في “الإنصاف” (9/289): “شمل قوله: “وأولاده، وإن سفلوا”: الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء؛ إذا كانوا فقراء، وهو صحيح. وهو من مفردات المذهب” انتهى.
وينظر: “المغني” (9/258).
وعليه؛ فإنه يجوز هنا:
1-أن تأخذ الزوجة أجرة على خدمة والدة زوجها.
2-أن يأخذ الابن المتفرغ لخدمتها: نفقته ونفقة عياله، من مال والدته، بالمعروف.
وما زاد على ذلك، فإنه يحفظ لها، وليس له أن يقضي ديونه من مالها؛ لأنه لا يلزم الوالد أو الوالدة قضاء دين الولد، وليس ذلك من النفقة.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة