كنت أعيش مع زوجي، وأولاده الصبيان فى سن المراهقة، وأنا لم أنجب، وعند وفاته جاءت حماتي وحماي للإقامة معي؛ لتربية أولاد زوجى المتوفي، وحدثت مشاكل، ويصعب التعايش معها، فاضطررت للذهاب لبيت أهلي، وتكملة العدة عندهم، فهل علي وزر فى ذلك؟ وما كفارة هذا الوزر؟
هل تكمل العدة في بيت أهلها بسبب المشاكل مع أهل زوجها المتوفى؟
السؤال: 492888
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يجب على المرأة أن تعتد من وفاة زوجها في البيت الذي كانت تسكنه حين مات زوجها ، وقد دل على ذلك حديث الفُريعة بنت مالك رضي الله عنها ، أنها جاءت تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أهلها بعد وفاة زوجها ، فقال لها :
(امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ).
قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ” رواه أبو داود (2300)، والترمذي(1204) وقال: ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح”.
وذكر ابن عبد البر رحمه الله أن هذا قول أئمة الفقه الأربعة ، ثم قال :
“كلهم يقول: إن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها الذي كانت تسكنه، وسواء كان لها أو لزوجها، ولا تبيت إلا فيه، حتى تنقضي عدتها، ولها أن تخرج نهارها في حوائجها” انتهى من “الاستذكار”(18/181).
ثانيا :
هناك أعذار وأسباب تبيح خروج المرأة المعتدة ، أو إخراجها ، من البيت الذي تعتد فيه .
قال الله تعالى : (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الطلاق/1.
وهذه الفاحشة المبينة مما تشمله : بذاءة اللسان .
قال ابن كثير (8/144) :
“الفاحشة المبينة : تشمل ما إذا نشزَت المرأة ، أو بَذَت على أهل الرجل وآذتهم ، في الكلام والفعال، كما قاله أبي بن كعب، وابن عباس، وعكرمة، وغيرهم” انتهى.
وقال السعدي في تفسيره (ص 869) :
“(إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي: بأمر قبيح واضح، موجِبٍ لإخراجها، بحيث يدخل على أهل البيت الضرر من عدم إخراجها، كالأذى بالأقوال والأفعال الفاحشة” انتهى.
وقال المرداوي رحمه الله في الإنصاف (24/153) في المعتدة من وفاة زوجها :
“يجوزُ نقْلُها لأذاها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ” انتهى .
وإذا جاز نقلها لأذاها ، جاز نقلها لتأذيها بأهل زوجها .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله : “لا يجوز للمرأة الانتقال من بيت الزوج في العدة إلا بسبب، كعدم وجود أمن في هذا البيت، بأن كان نائياً موحشاً، أو وجد شيء من السباب والشتم والأذى بينها وبين أقارب زوجها، لقوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ الطلاق/1 ، وهي السباب ونحوه” انتهى.
وقال الدكتور خالد المصلح، حفظه الله، في بيان ما يبيح للمرأة الانتقال من مسكن زوجها المتوفى: ” إذا خيف هدم أو غرق أو عدو أو حريق أو وحشة، أو كانت الدار غير حصينة يخشى فيها من اقتحام اللصوص، أو كانت بين فسقة تخاف على نفسها، أو تتأذى من الأحماء أو الجيران تأذياً شديداً، أو لأجل انتقال جيرانها من حولها ووجدت وحشة = فإن لها الانتقال إلى ما شاءت من المساكن، بعد تعذر إقامتها لأي من الأسباب المتقدمة، أو غيرها مما لا تستطيع القرار معه” انتهى، من “أحكام الإحداد” (87).
وبناء على هذا ؛ فإنه يجوز لك أن تنتقلي إلى بيت أهلك وتكملي العدة فيه.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب