أخي حلف ألا يعود إلى المنزل إذا لم نبع الطيور التي لدينا؛ بسبب أنه غضب منا، وكذبت عليه أننا بعناهم، فلذلك عاد، فما حكم ذلك؟
حلف ألا يعود إلى المنزل إذا لم يبيعوا الطيور، فكذبوا عليه وادعوا البيع فعاد، فهل يحنث؟
السؤال: 495413
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا حلف أخوك ألا يعود إلى المنزل إذا لم تبيعوا الطيور، ثم عاد بناء على قولك إنها بيعت، فإنه لا يحنث، لكن إن علم بوجودها، واستمر في البيت بعد ذلك: حنِث.
وهذا شأنه كمن حلف ألا يفعل شيئا، ففعله ناسيا: فإنه لا يحنث؛ لأنه لم يقصد المخالفة، لكن يمينه باقية، فإن فعله متذكرا حنث.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/495): " من حلف أن لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا، فلا كفارة عليه…؛ لقوله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم [الأحزاب: 5] ، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
ولأنه غير قاصد للمخالفة، فلم يحنث، كالنائم والمجنون.
ولأنه أحد طرفي اليمين، فاعتبر فيه القصد، كحالة الابتداء بها…
وإن فعله غيرَ عالم بالمحلوف عليه، كرجل حلف لا يكلم فلانا، فسلم عليه يحسبه أجنبيا، أو حلف أنه لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه، فأعطاه قدر حقه، ففارقه ظنا منه أنه قد برّ، فوجد ما أخذه رديئا، أو حلف لا بعت لزيد ثوبا، فوكل زيدٌ من يدفعه إلى من يبيعه، فدفعه إلى الحالف، فباعه من غير علمه، فهو كالناسي؛ لأنه غير قاصد للمخالفة، أشبه الناسي" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (13/160):
"فهذا الرجل قال: والله لا أكلم فلاناً، فكلمه ناسياً، نقول له: لا شيء عليك.
ولكن هل تبقى يمينه أو تنحل؟
تبقى يمينه، لكنه لا يحنث، بمعنى أننا لا نُلزمه بالكفارة.
وكذلك لو فعله جاهلاً، قال: والله لا ألبس هذا الثوب، فلبس ثوباً يظنه غيره، فتبين أنه المحلوف عليه: فليس عليه الحنث.
لكن متى علم، وجب عليه خلعه، ويمينه باقية." انتهى.
فهذه المسائل كلها من جنس واحد، يجمعها أن الحالف لم يقصد المخالفة، وفعل المحلوفَ على تركه ناسيا، أو ظانا زوال السبب الذي حلف لأجله، ونحو ذلك.
لكن يمينه باقية، فيحنث هنا لو بقي في البيت بعد علمه بوجود الطيور.
فإن علم بوجودها، وظن أن يمينه قد انحلت، فلا حنث عليه أيضا، وعليه مفارقة البيت، فإن استمر أو خرج وعاد إليه: حنث.
والكفارة عليه هو، لا عليك؛ لأنه فعل المحلوف على تركه مختارا ذاكرا قاصدا.
ثانيا:
يحرم الكذب في هذا وفي غيره، والواجب عليك التوبة.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5743)، ومسلم (2607).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب