إذا كانت ابنة الزوجة لديها ابنة من الرضاع، فهل زوج الأم محرم لهذه الابنة؟
إذا كانت لربيبته بنت من الرضاع، فهل هو محرم لها؟
السؤال: 495596
ملخص الجواب
الرجل إذا كانت لربيبته – من زوجته التي دخل بها – بنت من الرضاع، فهو محرم لها؛ لأن الرضاع تثبت به المحرمية، كما تثبت بالولادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الرجل إذا تزوج امرأة ودخل بها، فإذا كانت لها بنت من غيره وهي "الربيبة"، فإن هذه الربيبة تحرم عليه بنص الآية.
قال الله تعالى:
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) النساء /23.
ويتناول التحريم أيضا بنت هذه الربيبة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وحرم الربائب اللاتي في حجور الأزواج، وهن بنات نسائهم المدخول بهن، فيتناول بذلك بناتهن، وبنات بناتهن، وبنات أبنائهن، فإنهن داخلات في اسم الربائب " انتهى من "زاد المعاد" (5/168).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (36/216):
" والربائب جمع ربيبة، وربيب الرجل، ولد امرأته من غيره، سمي ربيبا له؛ لأنه يربه أي يسوسه، والربيبة ابنة الزوجة، وهي حرام على زوج أمها بنص الآية، سواء أكانت في الحجر أم لم تكن، وهي تحظى بما تحظى به البنت الصلبية من عطف ورعاية، وأما تحريم بنات الربيبة وبنات الربيب فثابت بالإجماع " انتهى.
وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (163263).
والربيبة، وإن كانت تحرم على زوج أمها بسبب المصاهرة، فإن بنت الربيبة تحرم عليه بسبب النسب والرحم الذي بينها وبين أمها.
وتحرم عليه أيضا إذا لم تكن الأمومة بسبب النسب والولادة، وإنما بسبب الرضاعة، لعموم النصوص الدالة على أن الرضاعة يحرم منها، ما يحرم من النسب.
كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: ( لَا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ ) رواه البخاري (2645)، ومسلم (1447) .
وروى البخاري (5099)، ومسلم (1444) عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا: ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أُرَاهُ فُلَانًا. لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ. فَقَالَ: نَعَمْ، الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ ).
والقول بأن الرضاع يقوم مقام النسب مع المصاهرة، هو قول جماهير أهل العلم.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" وينتشر التحريم بالرضاع إلى ما حرم بالنسب مع الصهر: إما من جهة نسب الرجل، كامرأة أبيه وابنه، أو من جهة نسب الزوجة، كأمها وابنتها، وإلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة أيضا، كالجمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها، فيحرم ذلك كله من الرضاع كما يحرم من النسب، لدخوله في قوله صلى الله عليه وسلم: ( يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ ).
وتحريم هذا كله للنسب، فبعضه لنسب الزوج، وبعضه لنسب الزوجة، وقد نص على ذلك أئمة السلف، ولا يعلم بينهم فيه اختلاف، ونص عليه الإمام أحمد، واستدل بعموم قوله:
( يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ ) " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2 / 442).
فالرضاع تثبت به المحرمية كحال محرمية النسب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قوله: ( الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ )، أي: وتبيح ما تبيح، وهو بالإجماع فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة ولكن لا يترتب عليه باقي أحكام الأمومة من التوارث ووجوب الإنفاق والعتق بالملك والشهادة والعقل وإسقاط القصاص " انتهى من "فتح الباري" (9 / 141).
وخالف شيخ الإسلام في ذلك، فاختار عدم التحريم. قال – كما في "الاختيارات" (ص305):
"وتحرم بنت الربيبة لأنها ربيبة".
وقال أيضا – كما في "الاختيارات" (ص 308) -:
"وتحريم المصاهرة لا يثبت بالرضاع ، فلا يحرم على الرجل نكاح أم زوجته وابنتها في الرضاع" انتهى .
ورجح الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، في الشرح الممتع (12/124) قول ابن تيمية لكنه سلك مسلك الاحتياط؛ فرأى العمل بقول الجمهور.
وقد سبق ذكر ذلك في جواب السؤال رقم: (291210).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة