يزعم بعض المنتسبين للعلم أن القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يساعد النساء في أعمالهن المنزلية، قول باطل، وزور وكذب!!، فحسب زعمهم: النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم إلا بالأعمال الرجولية فقط، ويستندون على أثر عائشة رضي الله عنها: \”ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم\”. أي كإصلاح التالف في عصرنا، أو حمل الأشياء الثقيلة، ويقولون: إنه صلى الله عليه وسلم ما كان يصنع إلا الأشياء التي تخصه: فيخصف نعله هو، ويخيط ثوبه هو، وهو ما يوازي في عصرنا إعداد الزوج الشاي لنفسه مثلاً، ولا أثر بغير ذلك، فإذا ذكر لهم أثر القاضي عياض في الشفا: وعن عائشة والحسن وأبي سعيد وغيرهم رضي الله عنهم في صفته، وبعضهم يزيد على بعض: كان في بيته في مهنة أهله، يفلي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ، وَيَقُمُّ الْبَيْتَ، وَيَعْقِلُ الْبَعِيرَ، وَيَعْلِفُ نَاضِحَهُ، وَيَأْكُلُ مَعَ الْخَادِمِ، وَيَعْجِنُ مَعَهَا، وَيَحْمِلُ بِضَاعَتَهُ مِنَ السُّوقِ، وما فيه من أنه صلى الله عليه وسلم كان يَقُمُّ البيت: أي يكنسه، ويعجن مع الخادمة -وهو من عملها خاصة- قالوا: ضعيف، لا يحتج به. ويخلصون إلى أن: من يقول بأن من السنة مساعدة الرجل لزوجته في التنظيف، أو الطبخ، أو غسل الأواني مثلاً، إما جاهل مخطئ، وإما منافق يفتري الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. فما الصواب؟!
هل من السنة أن يساعد الرجل امرأته في أعمال البيت؟
السؤال: 505145
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
من كمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان متواضعا يساهم في خدمة البيت.
روى البخاري (5363): عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، “مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي الْبَيْتِ؟
قَالَتْ: ” كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ “.
والمهنة أي الخدمة.
بوّب عليه الإمام البخاري بقوله: ” بَابُ خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ “.
وقد وردت روايات أخرى صحيحة تبسط معنى هذه الخدمة.
كما عند الإمام أحمد في “المسند” (41 / 390)، وابن حبان “الإحسان” (12 / 490): عن هِشَام بْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ: “مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَتْ: ” كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ”.
وروى الإمام أحمد في “المسند” (43 / 263): عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: “سُئِلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَتْ: ” كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ “.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
” (المهنة ) الخدمة …
وقد فسرت عائشة هذه الخدمة في رواية عنها، فروى المقدام بن شريح، عن أبيه، عَن عَائِشَة، أَنَّهُ سألها: ” كَيْفَ كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كَانَ فِي بيته؟ قَالَتْ: ( مثل أحدكم فِي مهنة أهله، يَخْصِفُ نَعْلَهُ، ويُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، ويصنع الشيء ).
وروى معاوية بن صالح، عَن يَحْيَى بْن سَعِيد، عَن عمرة، قَالَتْ: سئلت عَائِشَة: مَا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصنع فِي بيته؟ قَالَتْ: ( بشر مِنَ الْبَشَرِ، يَخْدِمُ نَفْسَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، ويُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، ويَخْصِفُ نَعْلَهُ ) … ” انتهى. “فتح الباري” (6 / 108).
ثانيا:
وأما ما جرت العادة باختصاص النساء بعمله كالطبخ والعجن، فلم يرد بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم به في بيته.
وما ورد من رواية عن أبي سعيد الخدري، كما في “الشفا” للقاضي عياض، قال رحمه الله تعالى:
” وَعَنْ عَائِشَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِمْ، فِي صِفَتِهِ وبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ: ( كَانَ فِي بَيْتِهِ فِي مِهْنَةِ أهْلِهِ؛ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَرْقَعُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ، ويَعْلِفُ نَاضِحَهُ، وَيَقُمُّ البَيْتَ، وَيَعْقِلُ الْبَعِيِرَ وَيَأْكُلُ مَعَ الْخَادِمِ وَيَعْجِنُ مَعَهَا، وَيَحْمِلُ بَضَاعَتَهُ مِنَ السُّوقِ ) ” انتهى. “الشفا” (ص 176).
وهو خبر طويل ساقه الغزالي في “الإحياء” (3 / 181)، وفي مكان ” وَيَعْجِنُ ” ورد “ويطحن عنه إذا أعيا “، أي الخادم إذا تعب.
وقد قال الحافظ العراقي، رحمه الله في “تخريج الإحياء – بهامش الإحياء” (3 / 357): ” لم أقف له على إسناد” انتهى.
وكذا لم يرد أنه كان يساهم في الأعمال التي تخص زوجاته رضوان الله عليهن، كأن يعينهن في وضوء أو نحوه.
بل قد استبعد ابن العراقي رحمه الله تعالى أن تصدر من النبي صلى الله عليه وسلم مشاركة في خدمة أهله في الحاجات المختصة بهن، حيث قال:
” والمهنة المذكورة في رواية البخاري مفسرة بما في رواية أحمد؛ من خصف نعله وخياطة ثوبه، وبما في رواية الترمذي في “الشمائل”: من فلي ثوبه وحلب شاته وخدمة نفسه.
أما خدمة أهله في الحاجات المختصة بهن: فهو غير مراد في الحديث فيما يظهر، ولا يمكن لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن السكوت عن ذلك والموافقة عليه.
وقد رجح أصحابنا الشافعية في الزوجة التي يجب إخدامها: أن الزوج لو قال أنا أخدمها لتسقط مؤنة الخادم عني= ليس له ذلك، وعللوه بأنها تستحي منه، وتُعيَّر به، وقال بعض أصحابنا: له ذلك. وبه قال أبو إسحاق المروزي، واختاره الشيخ أبو حامد، وقال القفال وغيره: له ذلك فيما لا يُستحى منه، كغسل الثوب واستقاء الماء وكنس البيت والطبخ، دون ما يرجع إلى خدمتها كصب الماء على يدها وحمله إلى المستحم. انتهى.
فإذا قيل مثل هذا في الآحاد؛ فكيف في حقه صلى الله عليه وسلم ” انتهى. “طرح التثريب” (8 /181).
والذي يتلخص من كلامه رحمه الله تعالى، أن الأصل: أن المرأة هي من تتولى أعمال البيت، والخدمة فيه، وليس ذلك بمانع من أن يعين الرجل أهله في بعض العمل، مما يتهيأ لمثله أن يقوم به، بل هذا من حسن العشرة، وتمام التواضع.
قال الحافظ أبو زرعة العراقي، أيضا:
” قوله (يخصف نعله) بالخاء المعجمة والصاد المهملة أي يخرزها طاقة على الأخرى من الخصف وهو الضم والجمع.
وقوله : ( خدمة أهله ): مراده، الخدمة التي يتولاها أهله في العادة. فالإضافة هنا إلى فاعل.
ودل ذلك على أن “المتعارف” أن أهل الرجل: هم من يتولون بأنفسهم خدمة البيت، والقيام على مصالحه”. انتهى، من “طرح التثريب في شرح التقريب” (8/ 180).
وقال الحافظ ابن رجب، رحمه الله:
” وقد فسرت عَائِشَة هذه الخدمة فِي رِوَايَة عَنْهَا، فروى المقدام بْن شريح، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، أَنَّهُ سألها: كَيْفَ كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كَانَ فِي بيته؟ قَالَتْ: مثل أحدكم فِي مهنة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويضع الشيء.
وروى معاوية بْن صالح، عَن يَحْيَى بْن سَعِيد، عَن عمرة، قَالَتْ: سئلت عَائِشَة: مَا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصنع فِي بيته؟ قَالَتْ: بشر من البشر، يخدم نفسه، ويحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله.
وروى هِشَام بْن عُرْوَةَ، عَن أَبِيه، قَالَ: قيل لعائشة: مَا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصنع فِي بيته؟ قَالَتْ: يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل مَا يعمله الرجال فِي بيوتهم. خرجه ابن حبان فِي (صحيحه).
وليست الإضافة في “خدمة أهله” إلى “مفعول”؛ فليس المراد أنه صلى الله عليه وسلم: كان يقوم على خدمة أهله في شؤونهم، وهم جلوس”. انتهى، من “فتح الباري لابن رجب” (6/ 108).
ثالثا:
ليست هذه المسألة، وأمثالها: بهذا القدر من “القطع” و”الحدية” التي تناولها بها القائل المذكور في السؤال.
ونسبة من قال بخدمة الرجل أهله: ليست كما يقول هذا القائل، جهلا، ولا نفاقا، ولا كذبا؛ بل هذه المسألة ونظائرها: مما يقال فيه: الأخلق، والأظهر، والأقرب … وليست هي من أصول الدين، ولا أركان الإيمان، ولا معنى لكل هذا التنطع في الكلام عليها.
فالقول بخدمة المرء أهله، وإعانته على ما هم فيه: ليس من الباطل، ولا هو مما نهى الشرع، بل من فعله، كان ذلك من كمال تواضعه، وحسن خلقه، ومروءته، ما دام ذلك من الشأن الخاص بينه وبين أهله، وليس هو مما يخل بمروءته، وقوامته على أهله؛ ولا هو مما نهى الشرع، إن لم يحث عليه!!
قال ابن مفلح، رحمه الله:
” فصل: في استحباب الانبساط، والمداعبة، والمزاح، مع الزوجة والولد:
قال [=ابن عقيل] في (الفنون): … ما أدري ما أقول في هؤلاء المتشدقين في شريعة بما لا يقتضيه شرع، ولا عقل؛ يقبحون أكثر المباحات، ويبجلون تاركها، حتى تارك التأهل والنكاح!!
والعبرة في العقل والشرع: إعطاء العقل حقه من التدبر، والتفكر، والاستدلال، والنظر، والوقار، والتمسك، وبالإعداد للعواقب.
والاحتياط بطريقة هي العليا: يخص بها الأعلى، الأعز الأكرم. [ كأنه يعني: طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه].
ومعلوم أنه قال: ( من كان له صبي فليتصاب له ).
وكان عليه السلام يرقص الحسن والحسين ويداعبهما وسابق عائشة، ويداري زوجاته.
إلى أن قال:
والعاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه ترك العقل في زاوية كالشيخ الموقر وداعب ومازح وهازل ليعطي الزوجة والنفس حقهما، وإن خلا بأطفاله خرج في صورة طفل، ويهجر في ذلك الوقت. انتهى كلامه.
والخبر الأول لا يصح.
وكان عليه الصلاة والسلام يكون في بيته في مهنة أهله، وغير ذلك؛ من شدة تواضعه، ومكارم أخلاقه، وسيرته العالية صلى الله عليه وسلم؛ بخلاف ما يفعله كثير من أصحاب النواميس والحمقى والمتكبرين، مع اشتمال بعضهم مع ذلك على سوء قصد وجهل مفرط، فيتكبر على من خالف طريقته، ويصير عنده المعروف منكرا، والمنكر معروفا، فنسأل الله العظيم أن يهدينا والمسلمين الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغصوب عليهم ولا الضالين” انتهى، مختصرا، من “الآداب الشرعية والمنح المرعية” (3/239).
والخبر الذي ذكره ابن عقيل، وقال عنه ابن مفلح: لا يصح، تكلم عن الشيخ الألباني رحمه الله في “السلسلة الضعيفة، برقم (4640)، ثم قال:
” ومثل هذا الحديث: ما رواه الدينوري في “المنتقى من المجالسة” (78/ 2 – نسخة حلب) ، ومن طريقه ابن عساكر (8/ 411) : حدثنا إبراهيم بن دازيل الهمذاني: أنبأنا أبو حذيفة عن الثوري عن أبيه عن إبراهيم التيمي قال: كان عمر ابن الخطاب يقول:
( ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا التمس ما عنده وجد رجلاً ).
قال الثوري رحمه الله:
وبلغنا عن زيد بن ثابت أنه كان من أفكه الناس في أهله، وأزمتهم إذا جلس مع القوم.
ورواه البيهقي (6/ 292) ، وعنه ابن عساكر من طريق ثابت بن عبيد قال:
كان زيد بن ثابت … فذكره”. انتهى، من “السلسلة الضعيفة” (10/164).
بل إن فهم خدمة النبي صلى الله عليه وسلم لأهله، وإعانته لهم: قد قاله من قاله من أهل العلم، مما؛ فإذا قدر أنه قول مرجوح في نفس الأمر؛ فليس هو من قول الجهال، ولا من المنافقين، كما زعم هذا المنكِر، الغالي!!
قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: “وفيه الترغيب في التواضع وترك التكبر وخدمة الرجل أهله وترجم عليه المؤلف في الأدب كيف يكون الرجل في أهله”. انتهى، من “فتح الباري” (2/163).
ومن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم من عامة المسلمين: ليس منهيا عن ذلك بشرع، فإذا أعان أهله بما جرت عادة الرجال، كاملي الأخلاق بإعانة أهلهم عليه؛ فأي منكر في هذا؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
” ومن تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في بيته في خدمة أهله، يحلب الشاة، يخصف النعل، يخدمهم في بيتهم؛ لأن عائشة سئلت ماذا كان النبي صلى اله عليه وسلم يضع في بيته؟، قالت: ( كَانَ فِي مِهْنَةِ أهْلِهِ )، يعني في خدمتهم عليه الصلاة والسلام.
فمثلا الإنسان إذا كان في بيته: فمن السنة أن يصنع الشاي مثلا لنفسه، ويطبخ إذا كان يعرف، ويغسل ما يحتاج إلى غسله، كل هذا من السنة، أنت إذا فعلت ذلك تثاب عليه ثواب سنة، اقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام وتواضعا لله عز وجل؛ ولأن هذا يوجد المحبة بينك وبين أهلك، إذا شعر أهلك أنك تساعدهم في مهنتهم أحبوك، وازدادت قيمتك عندهم، فيكون في هذا مصلحة كبيرة ” انتهى. “شرح رياض الصالحين” (3 / 529).
ومن أراد أن يطبخ لنفسه شيئا من قهوة أوشاي أو غير ذلك، فرأى امرأته منهكة في العمل فلاطفها بأن طبخ ما يكفيه ويكفيها، فهذا عمل معروف لا يذم عليه الرجل بل يحمد، ويرجى أن يتناوله عموم حديث سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: … وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ رواه البخاري (5354)، ومسلم (1628).
ومن استنكر إعانة الرجل لامرأته في طبخ أو كنس ، وخاصة إذا تكاثرت الأعمال عليها ، وكان الرجل مستريحا ، ليس في عمل دين ولا دنيا، فقد استنكر التعاون على الخير بلا حجة شرعية.
والحاصل:
أن أعمال البيت، التي يعهدها الناس، من طبخ، وكنس، وتهيئة الملابس، ونحو ذلك كله: هو من وظيفة المرأة، وعلى هذا تواردت أعراف المسلمين في بلدانهم، وعلى مر أزمانهم.
ولا ينكر أن يعينها زوجها في بعض ذلك، تأنيسا لها، وإكراما لعشرتها. ويتأكد ذلك إذا كانت محتاجة إلى هذه الإعانة، كأن تكون ضعيفة، أو مريضة، أو نزل بهم ضيف، أو نحو ذلك من طوارئ الأحوال.
قال الشيخ الألباني، رحمه الله تعالى، بعد أن أكد على “وجوب خدمة المرأة للرجل”، بالمعروف في ذلك:
” هذا وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك إذا وجد الفراغ والوقت بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين ولذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ( كان صلى الله عليه و سلم يكون في مهنة أهله يعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) …” انتهى، من “آداب الزفاف في السنة المطهرة” (290).
وإنما يستنكر أهل العلم أن يقوم الرجل بأعمال البيت على وجه يخل بقوامته كأن يختص بخدمة البيت، والمرأة تختص بالعمل خارج البيت، ونحو هذا من الحالات.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” واحتج من أوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسه وطبخه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر، والله تعالى يقول: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )، وقال: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ )، وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القوامة عليه ” انتهى. “زاد المعاد” (5 / 264).
الخلاصة:
وردت السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخدم في بيته كأن يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ونحو هذا.
ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمل في بيته ما جرت العادة أن تختص به النساء كالعجن والطبخ .
وكذا لم يرد ما ينهى الرجل عن إعانة زوجته في مثل هذه الأمور، والأصل الإباحة، بل هو من الإعانة على الخير والمعروف، إلا إذا كانت على وجه يخلّ بقوامة الرجل، كأن يختص الرجل بخدمة البيت وتختص المرأة بالعمل خارجه، فإن هذا يستنكر.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب