0 / 0

أجبروها على الزواج وتريد الطلاق، فكيف تفعل؟

السؤال: 513613

يوجد بنت أجبرها والديها على الزواج، وهي لم ترض بذلك، والآن بعد الدخول عليها تريد الطلاق من زوجها؛ لعدم استطاعتها العيش معه، حتى وصلت إلى حالة لا تريد أن تتقرب من زوجها، ولا تحبه.
السؤال:
في هذه الحالة هل عندما يطلقها طلقة رجعية تبقى في بيته، وتنتظر حتى تنتهي العدة، أو تعود إلى إهلها؟ وإذا نوى زوجها إرجاعها في مرحلة العدة، هل للزوجة الحق في عدم الرجوع له، مع إنها غير راضية به من البداية؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

إذا تزوجت المرأة خوفا من أبيها، فإن نكاحها صحيح عند جمهور الفقهاء، ومنهم: المالكية، والشافعية، والحنابلة.

قال ابن عبد البر رحمه الله: " واختلفوا في الأب: هل يجبر ابنته الكبيرة البكر على النكاح أم لا؟ فقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى: إذا كانت المرأة بكراً، كان لأبيها أن يجبرها على النكاح، ما لم يكن ضرراً بيِّنـاً، وسواء كانت صغيرة أو كبيرة، وبه قال أحمد وإسحق وجماعة" انتهى من "التمهيد" (12/40).

وقال ابن قدامة رحمه الله: "أما البكر البالغة العاقلة، فعن أحمد روايتان؛ إحداهما، له إجبارها على النكاح، وتزويجها بغير إذنها، كالصغيرة. وهذا مذهب مالك، وابن أبى ليلى، والشافعي، وإسحاق" انتهى من "المغني"(9/399).

وبناء عليه: فإن النكاح الذي تم بينهما نكاح صحيح، تترتب عليه آثاره الشرعية.

ثانياً:

ذهب بعض أهل العلم إلى أن زواج الإجبار لا يجوز، وأنّ الخيار بيد الزوجة تقره وتثبته، أو تفسخه عند القاضي.

مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم :(لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّب حَتَّى تُسْتَأْمَرَ). رواه البخاري (6567)، ومسلم (1419).

وهو مذهب الأحناف، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، واختاره من علمائنا المعاصرين الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله، وبه يفتي علماء اللجنة الدائمة للإفتاء.

قال ابن الهمام الحنفي :" لا يجوز للولي إجبار البكر البالغة على النكاح" انتهى من "فتح القدير" (3/260).

وقال ابن القيم معلقاً على حديث (البكر تستأذن في نفسها…): "وموجب هذا الحكم: أنه لا تجبر البالغ على النكاح، ولا تزوج إلا برضاها" انتهى من "زاد المعاد" (5/88).

 

فإن رضيت به بعد العقد بالقول أو الفعل مثل أن تمكنه من نفسها، طائعة بذلك، ويحصل بينهما عشرة كان يمكنها التخلص منها ولم تفعل، فهذا إقرار بالفعل.

فعَنْ عَائِشَةَ : «أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ وَأَنَا كَارِهَةٌ، قَالَتِ: اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَلِلنِّسَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ".

رواه النسائي (3269)، وابن ماجه (1874) وضعفه الألباني. وصححه البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/102) ، وكذا قال الشيخ مقبل الوادعي : " صحيح على شرط مسلم " ، انتهى من "الصحيح المسند" صـ 160.

 قال الكاساني رحمه الله: "وإذا كان الرضا في نكاح البالغة شرط الجواز، فإذا زُوجت بغير إذنها، توقف التزويج على رضاها، فإن رضيت جاز، وإن ردت بطل".

وقال: " وأما الرضا بالفعل: فنحو التمكين من نفسها، والمطالبة بالمهر والنفقة، ونحو ذلك؛ لأن ذلك دليل الرضا" انتهى من "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/242).

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم الإسلام فيمن زُوجت وهي مكرهة؟

فأجابت: " إذا لم ترض بهذا الزواج، فترفع أمرها إلى المحكمة، لتثبيت العقد أو فسخه ". انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (18/126).

وظاهر الحال في السؤال أنه قد حصل الرضا الفعلي، وتمت بينهما عشرة بالتراضي ، وكونها لا تحبه، فهذا لا ينافي الرضا بالنكاح، فكم مِمَّن لا تحب زوجها، لكنه لا تفكر في فراقه، ولا يطرأ لها على بال!!

 

ثالثاً:

إذا أرادت الزوجة إنهاء العلاقة الزوجية الآن، فأمامها خياران:

الأول:

أن تطلب منه أن يطلقها، فإن وافق وطلقها، فإنها تعتد في بيته ثلاث حيضات، وإن كانت حاملا فعدتها إلى أن تضع حملها .

فإذا انتهت فقد بانت منه بينونة صغرى.

لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة التي تحيض: عدتها ثلاثة قروء؛ للآية الكريمة المذكورة.

وأما المطلقة الحامل: فعدتها إلى وضع الحمل؛ لقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). 

وفي فترة العدة تبقى في بيته، ولا تخرج منه إلا بإذنه، وله الحق في مراجعتها، وتحصل الرجعة إما بالقول أو الفعل بأن يحصل بينهما جماع خلال العدة.

لقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) البقرة/228، فجعل الله تعالى أزواج المطلقات أحق برجعتهن في مدة العدة إذا أرادوا بالرجعة الإصلاح .

ولقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الطلاق/1.

وعن ابن عمر أنه كان يقول : "إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين لم تخرج من بيتها إلا بإذنه" رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه (20054).

قال النووي رحمه الله: " إن كانت رجعية فهي زوجته، فعليه القيام بكفايتها، فلا تخرج إلا بإذنه " انتهى من "روضة الطالبين" (8/416).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (25/113) : " الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاقٍ رَجْعِيٍّ تُعْتَبَرُ زَوْجَةً ؛ لأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ قَائِمٌ ، فَكَانَ الْحَالُ بَعْدَ الطَّلاقِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ" انتهى .

فإذا انتهت العدة ولم تحصل رجعة فقد انتهى النكاح، ولا تحل له إلا بعقد جديد.

الخيار الثاني:

أن تخالعه، إما بتراضٍ منهما، بأن يقبل أن يأخذ العوض، (وهو المهر الذي أعطاها أو ما يتفقان عليه من مال) ويفارقها، سواء كان بلفظ الطلاق أو الخلع أو ما يقوم مقامهما مع النية.

فإن رفض، فلها أن تخالعه عند القاضي، بأن تطلب من القاضي فسخ هذا النكاح مقابل أن تعيد له المهر الذي دفعه لها عند الزواج.

وفي حال وقع الخلع، فلا يملك الزوج مراجعتها في فترة العدة، ولا تمكث في بيته؛ بل هي أجنبية عنه. فإذا انتهت عدتها فلها أن تتزوج بعد ذلك.

ودليل ذلك من السنة أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (أتردين عليه حديقته ؟) . وكان قد أصدقها حديقة . قالت : نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اقبل الحديقة ، وفارقها) رواه البخاري (5273).

أما عدة المختلعة، فقد أختلف اهل العلم في مقدارها، فذهب الجمهور إلى أنها ثلاثة قروء (حيض). وذهب بعض أهل العلم إلى أنها حيضة واحدة.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (5163).

وإذا كان في بلادكم قاض شرعي، عالم بالشرع، ويحكم به: فله أن ينظر فيما تقتضيه الحال، من فسخ، أو طلاق، أو ما يراه، بعد أن يطلع على حقيقة الحال، وصورة الواقعة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android