تنزيل
0 / 0

هل قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ماسعى) يشمل أمور الدنيا؟

السؤال: 514379

هل آية (وأن ليس للإنسان إلا ماسعى) تدل على عمل الآخرة فقط؟ أي أن الإنسان في الآخرة سيحصل على ثواب عمله الصالح، من صلاة، وصوم، وعبادات، وهذه الآية لا تدل على الأمور الدنيوية؟ أي أنها لا تنطبق على أن الإنسان سيحصل على ما سعى عليه في الدنيا من أعمال دنيوية من ابتغاء رزق، وما شابهها؟ وهل لسياق الآيات السابقة التي تتكلم عن أعمال الآخرة تُحدِّد معنى الآية وتحصره؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا

قال الله تعالى: أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى النجم/38-41.

ومعنى الآية كما قال السعدي رحمه الله: "أي: كل عامل له عمله الحسن والسيئ، فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء، ولا يتحمل أحد عن أحد ذنبا…

وقد استدل بقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى من يرى أن القُرَب لا يفيد إهداؤها للأحياء ولا للأموات؛ قالوا: لأن الله قال: وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ مَا سَعَى ؛ فوصول سعي غيره إليه مناف لذلك. وفي هذا الاستدلال نظر؛ فإن الآية إنما تدل على أنه ليس للإنسان إلا ما سعى بنفسه، وهذا حق لا خلاف فيه، وليس فيها ما يدل على أنه لا ينتفع بسعي غيره، إذا أهداه ذلك الغير له، كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه." انتهى من "تفسير السعدي"، ص 821.

فليس للإنسان إلا سعيه، وقد ينتفع بسعي غيره.

وسياق الآيات يدل على أن ذلك في الآخرة.

ثانيا:

أما الدنيا، فللإنسان كذلك سعيه، مما كسبه بعمل أو غيره، وقد ينتفع بسعي غيره، من هبة أو وصية أو إرث.

ثالثا:

إذا كان المقصود من السؤال: هل سعي الإنسان في الدنيا لابد أن يرى ثمرته في الدنيا؟

فهذا لا يدخل تحت الآية، وجوابه: أن سنة الله قائمة على أن من عمل وجدّ، نال ثمرة عمله، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ الملك/15.

وروى البخاري (1480) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "(َأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ثُمَّ يَغْدُوَ إِلَى الجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ).

فمن ابتغى الرزق ناله، ومن بذل جهده في عمل أدرك ثمرته، وهكذا، ولا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر، ولكن حصول البركة والنفع الحقيقي والثواب مع الاحتساب إنما يكون للمؤمن.

فأمور الدنيا قائمة على الأسباب والمسببات، وقد يعطل الله السبب فلا يجعله منتجا، لحكمة يعلمها سبحانه، فقد يبتغي الإنسان الرزق فلا ينال منه مراده، إما رحمة به، أو عقوبة له، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ) رواه أحمد (22386)، وابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

ومن حيث الجملة، من جدّ وجد، ومن زرع حصد.

والله أعلم.

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android