هل يجوز له الأخذ من لحيته حتى لا يتعرض للأذى؟
السؤال: 52886
سيتزوج صديقي في إحدى الدول الإسلامية ، وهو مستقيم ويتبع السنة ( يعفي لحيته ) ، والدولة التي سيسافر إليها تحتجز الأشخاص الملتحين في المطار ثم تقوم الشرطة السرية بمتابعتهم ، وصديقي لا يريد أن يسبب صعوبات لعائلة زوجته ، حيث من المتوقع أن تتم متابعتهم ويتعرضون لمضايقات من قبل الحكومة ، لذلك فإنه يرغب في تهذيب لحيته قليلا لهذه المناسبة فقط ، ثم يطلقها مرة أخرى ، وهو لم يكن ليقصر لحيته لولا الأسباب المذكورة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إعفاء اللحية واجب شرعي ، وحلقها محرم ، ;
كما سبق بيانه في جواب السؤال
رقم ( 1189 ) .
وقد نقل ابن حزم رحمه الله اتفاق العلماء على أن حلق اللحية لا
يجوز .
” المحلى ” ( 2 / 189 ) .
وأما حلقها خوفاً من الاعتقال أو تعرض معفيها للأذى : فإن هذا
الخوف ليس على درجة واحدة ، فمنه ما يكون ظنّاً راجحاً ، ومنه ما يكون وهماً ، ومنه
ما يستوي طرفاه .
ولا يجوز له حلق لحيته أو تخفيفها إلا في حالة الظن الراجح ، ولا
يجوز فيما عداه .
ويدخل هذا الفعل في باب الضرورة ، قال الله تعالى : ( فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ )
البقرة/173 ، أو في باب الإكراه ، قال الله تعالى : ( مَنْ
كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ
مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ
غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106 .
والإكراه المعتبر في هذا : أن يلحقه ضرر من عدم حلقها ، أما مجرد
المضايقة والسؤال والتحقيق ، فإن هذه الأمور لا يسلم منها حالق اللحية ، ولا تجيز
لصاحبها الوقوع في الإثم .
وللإكراه شروط لا بدَّ من تحققها حتى يجوز للمسلم أن يترخص بفعل
الحرام أو قوله إذا حصل له ، ومعرفتها أمر هام لادعاء كثيرين أنهم مكرَهون وليسوا
كذلك .
قال ابن قدامة :
ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكون من قادرٍ .
الثاني : أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما
طلبه .
الثالث : أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب
الشديد ، والقيد , والحبس الطويل ، فأما الشتم والسب فليس بإكراه ، وكذلك أخذ
المال اليسير .
فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به : فليس بإكراه
، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً
له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .
وإن تُوُعِد بتعذيب ولده : فقد قيل : ليس بإكراه ؛ لأن الضرر
لاحق بغيره ، والأولى : أن يكون إكراها ؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله ، والوعيد
بذلك إكراه , فكذلك هذا .
” المغني ” ( 7 / 292 ) باختصار .
وإذا كان الأذى يُدفع بتخفيف اللحية فلا يحلقها بل يكتفي
بالتخفيف ، فالحلق أشد من التخفيف .
وينبغي التنبه إلى أنه يجب أن يكون محتاجاً إلى السفر لهذا البلد
، أما مع عدم الحاجة إلى ذلك فلا يجوز له حلق لحيته من أجل السفر ، لأنه غير مضطر
إلى ذلك .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة