0 / 0

هل صح أن إبليس يطمع في الشفاعة يوم القيامة؟

السؤال: 529060

لقد رأيت حديثا اشتهر في الآونة الأخيرة، وأحببت آن اعرف صحته.
نص الحديث كما يلي:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: \” كان لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خادمة تخدمهم يقال لها بريرة، فلقيها رجل فقال: يا بريرة غطي شعيفاتك ـ وهي أعلى الشعر ـ، فإن محمداً لن يغني عنك من الله شيئاً، قال: فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج يجرّ رداءه محمرة وجنتاه، وكنا معشر الأنصار نعرف غضبه بجر ردائه وحمرة وجنتيه، فأخذنا السلاح، ثم أتينا فقلنا: يا رسول الله مرنا بما شئت؟ والذي بعثك بالحق نبياً لو أمرتنا بأمهاتنا وآبائنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم، ثم صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: (من أنا؟) قلنا: أنت رسول الله، قال: (نعم ولكن من أنا؟) قلنا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فقال: (أنا سيّد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وفي ظل الرحمن عز وجل يوم القيامة يوم لا ظلّ إلا ظلّه ولا فخر، ما بال أقوام يزعمون أن رحمي لا تنفع، بلى حتى تبلغ جبأ وحكم ـ وهما قبيلتان من اليمن ـ، إني لأشفع فأشفع ،حتى إن من أشفع له يشفع فيشفع، حتى إن إبليس ليتطاول طمعاً في الشفاعة).

ملخص الجواب

هذا الخبر ضعيف الإسناد؛ فقد تفرّد بروايته رواة ضعفاء.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الخبر رواه الطبراني في “الأوسط” (5 / 202)، وابن البختري في “مجموع فيه مصنفات أبي جعفر ابن البختري” (ص180): عن عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ قَالَ: حدثنا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ: وَكُنْتُ أَدْعُو جَدِّي أَبِي قَالَ: حدثنا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ” كَانَ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَادِمٌ تَخْدُمُهُمْ، يُقَالُ لَهَا: بَرَّةٌ، فَلَقِيَهَا رَجُلٌ، فَقَالَ لَهَا: يَا بَرَّةُ غَطِّي شُعَيْفَاتِكِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَنْ يُغْنِيَ عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ مُحْمَرَّةٌ وَجْنَتَاهُ، وَكُنَّا مَعْشَرُ الْأَنْصَارِ نَعْرِفُ غَضَبَهُ بِجَرِّ رِدَائِهِ، وَحُمْرَةِ وَجْنَتَيْهِ، فَأَخَذْنَا السِّلَاحَ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنَا بِمَا شِئْتَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ أَمَرْتَنَا بِأُمَّهَاتِنَا وَآبَائِنَا وَأَوْلَادِنَا لَأَمْضَيْنَا قَوْلَكَ فِيهِمْ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:

(مَنْ أَنَا؟)

فَقُلْنَا: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.

قَالَ: (نَعَمْ وَلَكِنْ مَنْ أَنَا؟)

فَقُلْنَا: أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

قَالَ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخَرَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخَرَ، وَأَوَّلُ مَنْ يُنْفَضُ التُّرَابُ عَنْ رَأْسِهِ وَلَا فَخَرَ، وَأَوَّلُ دَاخِلٍ الْجَنَّةَ وَلَا فَخَرَ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَحِمِي لَا تَنْفَعُ، لَيْسَ كَمَا زَعَمُوا، إِنِّي لَأَشْفَعُ، وَأُشَفَّعُ حَتَّى إِنَّ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ لِيَشْفَعَ فَيُشَفَّعُ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلُ فِي الشَّفَاعَةِ ).

وقد تفرّد هؤلاء الرواة بهذا الخبر عن جابر رضي الله عنه، وفيهم ضعف.

قال الطبراني: ” لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ، إِلَّا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ ” انتهى.

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

“رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله وُثِّقوا، على ضعف كثيرٍ في عبيد بن إسحاق العطار، والقاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل.” انتهى. “مجمع الزوائد ومنبع الفوائد” (10 / 376).

فأما عبيد بن إسحاق فقد ضُعّف. قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

“عبيد بن إسحاق أبو عبد الرّحمن العطّار …:

يروي عن: شريك، وقيس.

روى عنه: زهير بن معاوية.

قال يحيى: ليس بشيء. وقال البخاريّ: عنده مناكير. وقال الدّارقطنيّ: ضعيف. وقال الأزديّ: متروك الحديث ” انتهى. “الضعفاء والمتروكون” (2 / 159).

وكذا حال القاسم بن محمد.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل: قال أبو حاتم: متروك. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: أحاديثه منكرة ” انتهى. “المغني في الضعفاء” (2 / 521).

وجدّ القاسم: عبد الله بن محمد بن عقيل: متكلّم فيه أيضا، ضعّفه كثير من أهل العلم بالحديث.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

“عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي:

روى جماعة عن ابن معين: ضعيف.

وقال ابن المديني: لم يدخل مالك في كتبه ابن عقيل …

وقال أبو حاتم وغيره: لين الحديث. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به.

وقال الترمذي: صدوق.

وتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وقال ابن حبان: رديء الحفظ، يجيء بالحديث على غير سَنَنِه، فوجبت مجانبة أخباره.

وروى الترمذي عن البخاري قال: كان أحمد، وإسحاق، والحميدي يحتجون بحديثه، وقال علي: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن ابن عقيل … ” انتهى. “ميزان الاعتدال” (2 / 432).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android