هناك سؤال أرهق تفكيري كثيرا: هل يمكن للمخلوقات أن تخلق الأشياء من العدم بإذن الله تعالى، مثل عيسي عليه السلام عندما نفخ في الطير فصار طيرا بإذن الله تعالى؟
فهل من الممكن أن تكون هناك مخلوقات يمكنها أن تكون سببا في خلق الأشياء من العدم؟ وهل إن ادعي أحد إنه سبب في خلق الأشياء من العدم يكفر؟
هل يمكن للمخلوق أن يخلق شيئا من العدم؟
السؤال: 539456
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الله عز وجل هو الخالق من العدم وحدَه، لا يقدر على هذا غيره، لا عيسى عليه السلام ولا غيره.
قال الله تعالى مبينا بطلان ألوهية غيره: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) النحل/17
وقال سبحانه: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) الأعراف/54
وقال تعالى: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الرعد/16.
وقال تعالى: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يونس/34.
فلو أمكن المخلوق ذلك، لحصل الاشتباه.
وعيسى عليه السلام لم يخلق طيرا من عدم، وإنما حوّل الطين طيرا بإذن الله، كما قال سبحانه: (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ) آل عمران/49
والخلق يطلق على الإيجاد من العدم. ويطلق أيضا يضأعلى التقدير، وعلى التصوير. والمراد هنا: التقدير؛ "أي: أُقَدِّر لكم من الطين، كهيئة الطير. وليس المراد به خلق الحيوان، بدليل قوله: فأنفخ فيه" انتهى من "التحرير والتنوير" (3/ 250).
قال الأزهري رحمه الله في "تهذيب اللغة" (7/ 16): "ومن صفات الله: الخالق والخلاق، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله جل وعز.
والخلق في كلام العرب: ابتداع الشيء على مثال لم يُسبق إليه.
وقال أبو بكر بن الأنباري: الخلق في كلام العرب على ضربين، أحدهما: الإنشاء على مثال أبدعه، والآخر: التقدير.
وقال في قول الله جل وعز: {فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] معناه: أحسن المقدرين، وكذلك قوله: {وتخلقون إفكا} [العنكبوت: 17] أي: تقدّرون كذبا.
قلت: والعرب تقول: خلقتُ الأديم، إذا قدرتَه وقستَه، لتقطع منه مزادةً أو قربة أو خُفا.
وقال زهير:
ولأنت تفري ما خلقت وبعض … القوم يخلق ثم لا يفري
يمدح رجلا فيقول له: أنت إذا قدرت أمرا قطعته وأمضيته، وغيرك يقدّر ما لا يقطعه؛ لأنه غير ماضي العزم، وأنت مضاء على ما عزمت عليه" انتهى.
وليس هناك مخلوق يوجِد من العدم، أو يكون سبا في الإيجاد من العدم، ومن ادعى أنه يوجد شيئا من العدم فهو كافر؛ لأن ذلك لا يكون إلا لله.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب